بالغ قادة حماس في الآونة الأخيرة من تقربهم لإيران ،و زيارتهم لقادتها السياسين و لرموزها الدينيين، وصدرت من بعض قادة حماس تصريحات موغلة في المجاملة الزائدة، مما جعل كثيرا من علماء المسلمين ينتابهم القلق والخوف من تطور هذه العلاقة ما بين حماس السنية المنفتحة و إيران الطائفية المنغلقة إلا على مذهبها، كما أن القلق مصدره أيضا من حقيقة ما تقوم به إيران في فلسطين من نشر للتشيع المغالي، فيكفي أن يصبح المرء شيعيا اليوم،ليغدوا سابا لكبار صحب الرسول غدا! و معتقدا بكفر كل من لا يسلم عقله لخرافات الإمامية الإثناعشرية.إن حماس تخاطر بتأييد مليار و 300 مليون مسلم، في مقابل تأييد إعلامي و حفنة تومانات لا تسمن الشعب الفلسطيني و لا تغنيه من جوع، و نحن نلاحظ أن طول مدة هذه العلاقات مع دولة إيران لم تنعكس خيرا على أهل فلسطين، و لا هي قللت من من عذاباتهم ،لا في الضفة و لا في القطاع ،و قد قامت # إسرائيل# بحربها الإبادية في غزة دون أن تحرك إيران ساكنا، واكتفت بالتفرج من بعيد مع ترصيع خطاباتها بعبارات الشجب و الاستنكار، كما تفعل الدول العربية !! فلماذا يخاطر قادة حماس بكل هذا الإرث الذي لهم في العالم الإسلامي من أجل المبالغة في الخضوع للمخططات الإيرانية! ألا يعلم قادة حماس أن إيران لاتهدف إلى وحدة حقيقة مع التيار الجارف و الغالب من المسلمين، بل كل ما يهمها هو نشر التشيع و التمكين للأقليات الشيعية في العالم الإسلامي .وما مثال دعمها للحوثيين عنا ببعيد!؟. ألا يعلم قادة حماس أن كل تلك الدعوات التي صدرت من إيران ،و ما تزال تصدر من أجل التقارب المذهبي، و الوحدة الإسلامية،و التسامح الطائفي، إن هي إلا شعارات جوفاء ،و خدع تلقيها إيران طعما للمغفلين في أوساط الأمة، و لا تزال تلتقط به كل تائه أردته أفكارهم المسمومة، فتحول من مسلم وسطي سموح يحسن الظن بالمسلمين ،و يحترم الرسول و أصحابه،إلى شر مستطير من السباب و الشتم و اللعن لخير رجال مشو على هذه الأرض من أصحاب الرسول و أهل و أهل بيته!؟
ألا تعلم حماس أن إيران تآمرت مع أمريكا في غزوها المدمر لأفغانستان، و قدمت للغزاة مختلف المساعدات من أجل القضاء على الطالبان، ألم يقل هاشمي رفسنجاني رئيس مجلس مصلحة النظام بأنه: لولا إيران لما نجحت أمريكا في غزو أفغانستان!؟ ألم يعرض النظام الإيراني الشهر الماضي عروضه لأمريكا الغازية في تقديم المساعدات المخابراتية لتحقيق أهداف أمريكا في أفغانستان؟
لقد أثبتت إيران سوء نيتها، و خبث مخططاتها تجاه محيطها العربي و الإسلامي ، فمن الصلف الفارسي الاستعماري تجاه الجزرالعربية الإماراتية المحتلة من قبل شاه إيران،إلى التعصب في إطلاق تسمية الخليج الفارسي على الخليج العربي ، إلى حد أن أحمدي نجاد خـون- في حملته الانتخابية- من يسميه بالخليج العربي!!
إن دولة يمضي على إنشائها و ثورتها أكثر من 30 سنة دون أن تحرك ساكنا في تجديد فكرها، وتشجيع التسامح مع محيطها الإسلامي الواسع، بل على العكس تعمل على تشجيع نشر كتب الفتنة التي تجتر الكراهية السوداء من عصر الكليني، و الطوسي، و إسماعيل الصفوي السفاح، و التي تتناول صحابة الرسول ص باللعن و الشتم، و ترويج الأكاذيب التي لا سند لها من الدين و لا من العلم ، و تعمل على نشر أفلام كلها استهزاء بالصحابة و طعن في أمهات المومنين الذين يفضلهم أهل السنة على آبائهم و أمهاتهم ،بل و تغض الطرف عن أبشع المجازر ضد أناس بسطاء أبرياء ، كل ذنبهم أنهم من سنة العراق بواسطة ملشيات و فرق الموت الشيعية سواء تلك التي للمجلس الإسلامي الأعلى، الذي كان يرأسه عبد العزيز الحكيم الذي تربى على عين إيران، أو ملشيات جيش المهدي التابعة لمقتدى الصدر و الذي هو مجرد ألعوبة سهلة في يد إيران، و إليها يلتجئ في غيباته المتككرة.
من ناحية أخرى فإن الدول العربية التي راهنت على التضييق على حماس قصد إخضاعها لشروط عباس و مجموعته الدايطونية، و الأوسلوية سيتبين لها تهافت هذا المسعى الذي قد يقرب لها الخطر الإيراني الصفوي فتزيد الطين بلة،و يبعد عنها ما ترجوه من أهداف بالضغط على حماس . و ربما يمثل شيء من هذا رسائل ضمنية تريد حماس أن ترسلها من طهران إلى من يهمهم الأمر في الدول العربية المناوئة لحماس . و لكن هذا يعد مخاطرة غير محمودة العواقب .فحماس تعرف أكثر من غيرها، أن الصراع في فلسطين ليس على الأرض وحدها ! ولكن على المبادئ و العقائد، وللأسف فإن كثيرا من أهداف ضرب هذه المبادئ تتقاطع فيه إيران مع إسرائيل.و بالتالي فإذا كان البعض يرى جواز التنازل على المبادئ الدينية و الحضارية الكبرى من أجل كسب دعم إيران في الصراع مع إسرائيل ، فإن التنازل على ما هو أقل أهمية من تلك المبادئ قد ينهي الصراع مع إسرائيل ، و يفتح الحدود معها. فأيهما أهون: الاعتراف بإسرائيل ، و تطبيع العلاقة معها ؟ أم السماح بسب كل الصحابة، و التغاضي عن سب أمهات المومنين و اتهامهم بالخبث ، و الكفر بكل أحاديث الرسول الموجودة في كتب أهل السنة والجماعة، بما في ذلك تلك التي أجمعت الأمة على صحتها في البخاري و مسلم ؟!و السكوت على حرب الإبادة التي تقوم بها إيران ضد الأبرياء كلما تاحت لها الفرصة، سواء في العراق على يد ملشياتها و فرق موتها المتجولة في أحياء مدن العراق ، أو في كثير من مناطق السنة في إيران، مثل بلوشستان، و خزستان!؟و عبدان!؟
ألا يعلم قادة حماس أن إيران هي المسؤولة الأولى عن المذابح و ألوان التعذيب التي تقشعر من سماع صنوفه الأبدان، و التي جرت لأهل السنة في العراق على يد ملشيات الرافضة التي تمولها إيران و يدرب أفرادها الحرس الثوري، مثل فيلق بدر و جيش المهدي؟!
ألا يعلم قادة حماس أن إيران تعاونت فعليا مع الغزو الأمريكي للعراق بشكل مباشر ، حيث قامت بتربية القادة الشيعة الذين جاءوا على ظهر دبابات الاحتلال فاستلموا الحكم من بريمر، و أن هؤلاء العملاء هي من ربتهم على عينها ، و في شوارع طهران كانوا يخرجون يهتفون الموت لأمريكا الموت لإسرائيل ،فخدعوا الكثير من المغفلين الذين لايعرفون عن حقيقة الشيعة الروافض شيئا ، و لكن المخططات كانت تجري في الخفاء على مستويات المخابرات، و هاهم اليوم نفس الأشخاص في العراق ، منهم من سافر إلى أمريكا ليرجوا من بوش البقاء في العراق مدة أطول و يعدهم بأنهم سوف يتصدون للمقاومة بيد من حديد. كما فعل المرجع الشيعي الهالك عبد العزيز الحكيم . ألم تكن إيران من الدول الأولى في العالم التي اعترفت بحكومة الاستعمار الأمريكي التي شكلها بول بريمر في العراق !؟
ألا يعلم قادة حماس أن عمقهم الاستراتجي هو في هذه الأمة التي تحترم الصحابة ، و أمهات المومنين ، و تؤمن بعصمة كلام الله من التحريف لا عصمة الأئمة !؟
ألا تعلم حماس أن الفاروق عمر رصي الله عنه الذي فتح القدس هو أبغض إنسان عند الإيرانيين ، و أن المقت ضد هذا الصحابي الجليل بلغ حدا أن الإيرانيين يحجون إلى قبر أبي لؤلؤة المجوسي في كاشان، والحكومة الإيرانية لا تبدي حراكا بل تقوم بالعناية لذلك المزار الرسمي .
إلى التصريحات التوسعية التي صرح بها بعض ملالي إيران تجاه مملكة البحرين و سيادتها ،منهم حجة الاسلام علي اكبر ناطق نوري رئيس التفتيش العام في مكتب قائد الثورة في كلمته التي ألقاها في الذكرى السنوية لانتصار الثورة الاسلامية في جامع الامام الرضا بمدينة مشهد والتي تطرق فيها الى إدعاء ‘تبعية البحرين لإيران’ واصفا إياها بأنها كانت في الأساس المحافظة الايرانية الرابعة عشرة، وكان يمثلها نائب في مجلس الشورى الوطني". و تجنيد إيران لآلتها الديبلوماسية لمحاربة الدول التي تضامنت مع البحرين، من بينها المغرب الذي حاولت إيران إهانته باستدعاء السفير الإيراني مما دفع بالمغرب إلى رد الصاع صاعين فأعلن عن قطع علاقته بإيران. و سط ترحيب واسع من طرف كل الغيورين على الإسلام و المسلمين المستشعرين بخطر النفوذ الإيراني، و نشره للتشيع الصفوي في البلاد ،إلى التحريض الإيراني و الدعم الواضح لحركة الانفصال الحوثية في جبال صعدة باليمن ،و مباركة انتهاكهم للحدود السعودية و سيادتها و قتل جنودها.
لا شك أن الدول العربية -خصوصا تلك المحادية لغزة - تتحمل وزر هذا الاندفاع الحماسي تجاه إيران،كما تتحمل- إلى جانب الدولة العبرية- وزر ما يعانيه فلسطينيوا غزة من حصار ظالم ، فلا يعقل – تحت أي ظرف من الظروف- أن توافق دول الجوار على أية شروط تمليها أمريكا، أو ربيبتها َإسرائيل َ تفرض مزيدا من الحصار على شعب أعزل يتعرض للموت البطيء أمام أعين الجميع.و لكن مع ذلك فإن ما تقوم به حماس من اندفاع نحو إيران يمثل هروبا من الرمضاء إلى النار !
إن إيران التي سجل التاريخ عليها إلتجاءها لإسرائيل في توريد ما تجتاجه من أسلحة في حربها مع العراق، رغم مناداة صدام المتكررة لوقف الحرب لما تبين له صعوبة تحقيق أي من أهدافه.
إن إيران و الحالة هذه يظل الالتجاء إليها مخاطرة استراتجية . فقد أثبتت إيران ألا ثابت لديها غير نشر مذهب الرفض، و التمكين له بين المجتمعات السنية ، فهي تدور مع هذا الهدف حيث دار من أجل أهداف بعيدة المدى يغلفها حلم السيطرة المذهبية التي تمثل الشغل الشاغل لإيران وملاليها.و كان من الطبيعي أن تسعى إيران لتحقيق هذه الأهداف الطائفية بواسطة عناوين خداعة تمثل طعما للطوباويين الطيبين مثل شعار الوحدة الإسلامية، و شعار التقارب المذهبي ، و شعار يوم القدس العالمي إلى غير ذلك من الشعارات الكبيرة الحجم و الخاوية المضمون! وكمثال على ذلك فإن أكثر من 30سنة من رفع هذه الشعارات البراقة من التقارب المذهبي و التسامح الطائفي ، و الوحدة الإسلامية لم تكن كافية لفتح مسجد واحد لأهل السنة في العاصمة طهران.و ما تزال طلبات أهل السنة تواجه بالرفض، و تلقى في سلة المهملات ، رغم أن أهل السنة في طهران يزيدون عن مليون سني.يضطرون للذهاب إلى السفارتين السعودية و الباكستانية لصلاة الجمعة، و الباقي يظلون محرومين من صلاة الجمعة حتى إشعار آخر خارج نطاق ما يسمى بالجمهورية الإسلامية. و هكذا تحافظ طهران على تميزها السئء الذكر بأنها العاصمة الوحيدة في العاالم الخالية من أي مسجد للسنة! و هذه الحقيقة وحدها كفيلة بأن تنسف أمام كل مغرور جميع تلك الشعارات الكاذبة التي دأبت إيران على ترديدها، و إلقائها في المحيط الإسلامي الجارف حولها كطعم لمن أطاحت بهامته تلك الشعارات الزائفة.
إذ لا يعقل أن تهتم إيران بتحرير القدس بحق و هي التي تلعن عمر الذي فتحها! ولا يعقل أن تتسامح إيران مع غالبية المسلمين من أهل السنة،و هي التي تقيم على أراضيها مزارا ضخما للمجوسي الذي قتل ثاني أعظم صحابي بعد رسولها محمد ص ! بل و يتبرك شعبها بقبره و يتضرع ملاليها حول ضريحه! فهذا تناقض صارخ.
و حماس تعلم أن إخوانهم الفلسطينيين الذين كانوا لاجئين في العراق قد شردتهم الملشيات الشيعية المدعومة من إيران ،و أوغلت في دمائهم قتلا و ذبحا و كأنهم قد ابتلوا بهولاكو جديد، و لم يفدهم استغاثتهم بأئمة الشيعة في العراق و إيران من مدعي الوحدة الإسلامية إلا كما أفاد ابن العلقمي ، و نصير الدين الطوسي الرافضيين المستغيثات في مذابح بغداد على يد التتار .المتحالفين معهم ، و أغلب هؤلاء المستضعفين من الفلسطينيين فر خارج البلاد في رحلة العذاب .و قد حاول الدكتور يوسف القرضاوي جاهدا ، في لقائه المباشر مع هاشمي فسنجاني أن يجعل الرجل يناقش معه حرب الإبادة التي تقوم بها الملشيات الشيعية التابعة لإيران ضد الأبرياء من السنة و إرجاع مآت المساجد السنية التي سيطر عليها الشيعة في العراق ، إلا أن الجميع شاهد رفسنجاني يتلوى و يلف و يدور كالثعلب فارا من مناقشة الموضوع، حتى ضاق منه الشيخ يوسف ذرعا على الهواء مباشرة، و تساءل ما فائدة هذا اللقاء الذي يجمع ما بين رمزين من السنة و الشيعة إذا كنا نتهرب من مناقشة أوكد القضايا و هي مأساة تقتيل الأبرياء في العراق .
فهل تصدق حماس الواقع أم تصدق الشعارات الإيرانية الإشهارية؟
0 التعليقات:
إرسال تعليق