لا شك أن من أعظم المنن التي يمن الله بها على المسلمين في شهر رمضان المبارك بعد الصيام هو القيام! و منذ عصر النبوة و الصيام يقرن عند المسلمين بالقيام، ؛بل أصبح و كأنه مرادف له، و من أعظم الشعائر الإسلامية في هذا الشهر الفضيل هو شعيرة صلاة التراويح التي سنها رسول الله ص و أم فيها المسلمين لثلاث ليال على الأصح، فلما ضاق المسجد بأهله لكثرة من حضر من الصحابة ، خشي رسول الله ص أن تفرض على المسلمين- و هو الحريص على المومنين وبهم رؤوف رحيم- فأثنى على حرصهم خيرا و قال: لم يخف عليِّ مكانكم، ولكني خشيتٌ أن تفرض عليكم فتعجزوا عنها فتركها شفقة عليهم.
و استمر الصحابة رضوان الله عليهم في اتباع تلك السنة، لكنهم كانوا يصلونها متفرقين فكان البعض يصليها منفردا، و البعض مثنى و البعض أكثر أو أقل .حتى كان عهد عمر رضي الله عنه فجمع الناس على إمام واحد هو الصحابي المقرئ الجليل أبي بن كعب رضي .
و قد أثمرت هذه السنة الحسنة التي سنها النبي و جددها عمر أثمرت ثمارا حسنة، و انتشرت في العالم الإسلامي منذ ذلك الوقت إلى أيامنا هذه . و اليوم نرى العالم الإسلامي يجتمع لصلاة التراويح من جاكرتا إلى طنجة، و من لوس أنجلس في أمريكا الشمالية إلى سانتياكوا في التتشيلي ، و من كايب تاون إلى زيورخ! كل المسلمين يحرصون على سنة التراويح.و ما أعظمها من صلاة ، حيث في أغلب هذه الدول خصوصا في البلاد الإسلامية ، يحرص الناس على إتمام كامل القرآن في صلاتهم، إذ يختم الإمام كل يوم جزء حتى إذا انتهى شهر الصيام يكون قد ختم القرآن كله ! و تلك منة لا تقدر بثمن ، يتحول فيها الإمام الحافظ لكتاب الله إلى ربان سفينة فضائية و المأمومون إلى ركاب هذه السفينة الربانية ، و التي تعرج بالمومنين إلى ملكوت السماوات ، و تحلق بهم في فضاء الجنات و نعيمها،و هم مغمورون بألحان التنزيل العذبة ، و تكشف لهم عن النار و سعيرها ، و تمر بهم على روائع الآيات و أسرار الخلق فلا تدع صغيرة و لا كبيرة إلا و كشفت لهم عن أسرارها، و تغوص بهم في أعماق النفس و أغوارها، فلا يخرج المصلي من هذه السفينة القرآنية إلا و قد امتلأت نفسه عظة، و فكره علما و فهما و روحه تزكية و سموا. ينزل منها و هو يوقن أن الشقي من لم يركب هذه السفينة، و تخلف ركبه عن محطتها الرمضانية المباركة.و ما أعظمه من منظر مهيب ذلك الذي يجتمع فيه مآت الآلاف من المومنين في مكة مهبط الوحي ، متحلقون حول الكعبة في دوائر تتسع و تتسع على مدى البصر،تلك الدوائر التي تشمل الأرض كلها سهلها و جبالها جزرها و بيدائها، و هم قائمون راكعون ساجدون، وراء إمام واحد يتلوا عليهم آي الكتاب ، وآيات التنزيل غضا طريا كأنه يتنزل من السماء للحظة تلاوته.إن هذا لمن مظاهر معجزة هذا الدين التي أبى الله إلا أن يجليها للأنام و يعم بركتها على العالمين في نقل مباشر يصل للحظته إلى كل أنحاء المعمورة! و هو سبب لإسلام الآلاف ممن تصيب قلوبهم أشعة نور القرآن أو تخشع قلوبهم لذكره.
و لكن ويا أسفاه! فرغم هذه التجليات النورانية لصلاة التراويح ، فإن هناك فئة من الأشقياء ، ممن أعمى حقدهم على أصحاب النبي أبصارهم، و طمست عداوتهم على قلوبهم ، و أغرتهم شياطينهم عن التخلف عن ركوب هذه السفينة الربانية ، و تولوا عن كل الآيات معرضون ! يلجون في عمه عجيب من الكراهية و الأحقاد لكل صحب الرسول و من تأسى بهم من كافة المسلمين. فحقدهم المرضي على أحد أفضل أصحاب الرسول ، و هو عمر الفاروق قد طوح بهم بعيدا في مستنقع العداوة و الأحقاد و الغلو البعيد الضلال. فبدل أن يمزقوا سرابيل الضلال التي تلفهم و تلف عقولهم، و يطلقوا نهج الغلو الذي أردى بجموعهم، و يلتحقوا بركب النور الذي عليه جماهير المسلمين، و لن تجتمع أمة الرسول على ضلالة.بدل من ذلك كله يلجون في غيهم، و يمعنون في كفرهم بسبهم لأصحاب الرسول كافة ما عدى خمسة أو سبعة!! وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الله الله في أصحابي لا تتخذوهم غرضاً بعدي فمن أحبهم فبحبي أحبهم ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم,ومن آذاهم فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله ومن آذى الله يوشك أن يأخذه)(الترمذي 5\385-والبيهقي في الاعتقاد ص161)
و لكن دعنا نسأل عن سر هذا الغي الذي تورطت فيه فرقة الروافض منذ غابر الأزمان، و لا يزيدها الوقت إلا غلوا وكفرا !؟ ما سر هذا المرض المزمن من الأحقاد السوداء التي لم تزل تغلي و تأكل في أحشاء الروافض على أصحاب النبي ص خصوصا عمر الفاروق؟!! ما أصل هذا الحقد ؟ و ما منشؤه ؟ قد يرجع البعض ذلك إلى ما اختلقه الروافض اختلاقا من أكاذيب مضحكة ، يصورون بها مشهدا مزورا لعمر يدفع الباب على فاطمة الزهراء في محاولة لإرغام علي على بيعة صاحب الرسول و رفيقه لفي الغار أبي بكر !و تقول الأسطورة الرافضية المضحكة، أن عمر أسقط بذلك جنينا مفترضا لفاطمة و قد عق عليه شياطين الإفك باسم هو المحسن! و قد قال بعض الباحثين أنه يلزم من الإنسان أن يكون ببلادة الحمار ليصدق ذلك البهتان الذي لا يوجد في أي من كتب التاريخ على ما حشرته من روايات ضعيفة و مكذوبة !.
و من دراستي الطويلة لفكر فرقة الإثناعشرية من الشيعة ، فإنني لا أظن ذلك هو السبب، لأن علماء الشيعة يدركون زيف تلك الإشاعة، و يعرفون أنها لا تستند إلى أي أساس، و موقنون أنها بهتان افتراه ملالي الشيعة بين أيديهم و أرجلهم، و لا أدل على ذلك من تبرم آية الله حسين فضل الله من هذه القصة المزعومة و محاربة كافة علماء الشيعة و مقاطعتهم له حتى مات وحده كالمجروب! لا لإيمانهم بصدق تلك الفرية. و لكن بسبب قد أعلنوه، و هو أن التشكيك في ذلك من طرف أقطاب هذا التيار سوف يحدث فتنة بين أوساط أتباع الطائفة و يزعزع ثقتهم فيما يهلوسون به في مآتمهم و خطبهم .و عندما واجه كبار أئمة الروافض حسين فضل الله في قم ، لم يذكر واحد منهم دليلا على صدق تلك الرواية المزعومة، و أقصى ما قالوه هو أن التطرق إلى هذه القضايا التي أصبحت من المسلمات عند عامة الشيعة سوف يثير الفتنة!و من يريد الاطلاع على تفاصيل تلك المحاكمة الطويلة فليقرأ كتاب : الحوزة تقاوم الانحراف!
إذن ما هو سبب كل تلك العداوة لعمر ، و الذي كان صهرا لعي رضي الله عنهما؟ السبب الوجيه ،و الذي قد ذكره كثير من أهل العلم، ممن تعمقوا في دراسة هذه النحلة المأزومة ، هو ما كان يبثه الشعوبيون الفرس ، و الغنوصيون من أحقاد على عمر بسبب قضائه المبرم على كيانهم و إمبراطوريتهم، و إنهاء فترة حكمهم التي امتدت منذ سلالات عيلام 2700 ق م و إخضاع البلاد كلها تحت راية الإسلام بعد الانتصار التاريخي الأعظم في التاريخ، في معركة القاديسية بإمرة أمير المومنين عمر بن الخطاب.حيث مزق كيان الفرس شر ممزق ، و قضى أسود الصحابة على كبار قادتهم الفرس ، و ألبس عمر تاج كسرى على رأس سراقة بن مالك تحقيقا لنبوءة الرسول ص. ووقعت عاصمتهم المدائن تحت وطأة جند الله المؤيدون به ، و تحررت بلاد فارس من أعتا الطغاة ممن كانوا يستعبدون الناس و يثقلون كاهلهم بالإتاوات ، و يضربون أعناقهم لأتفه الأسباب. و ما أعظمها من كلمة تحدي صدع بها المغيرة بن شعبة بين يدي رستم حيث قال له في ثبات:
كانت تبلغنا عنكم الأحلام ولا أرى قوماً أسفه منكم. إنا معشر العرب سواء لا يستعبد بعضنا بعضاً إلاّ أن يكون محارباً لصاحبه، فظننت أنكم تواسون قومكم كما نتواسى، وكان أحسن من الذي صنعتم أن تخبروني أن بعضكم أرباب بعض.
و نفس الشيء عبر عنه ربعي لما شاهده من عبادة الفرس لملوكهم، فقال لرستم : جئنا لنخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد.
و ما كانت لهذه المواقف الحرة الأبية أن تروق لأزلام الفرس و عبدة النار من المجوس ،و حتى في ظل ما يسمى زورا بالجمهورية الإسلامية ما يزال الناس هناك يحتفلون بعيد النار ، حيث تضرم النيران في كل الساحات ، و حتى في عيد النيروز الذي هو في الأصل عيد السنة الفارسية الجديدة قد أصبح مناسبة للروافض لإشعال النيران و جعله عيدا لها، و عيد النيروز أول من أحدثة الملك الفارسي جمشيد و ما كان لمن تعود الاستعباد و الاسترقاق على يد ملوك الفرس و أعوانهم، أن يرضوا على الواقع الجديد الذي دخل فيه أهل فارس الإسلام أفواجا أفواجا لما لمسوه فيه من العدل و النور و المساواة و الكرامة الإنسانية، فلما جبنوا عن مواجهته في الميدان العسكري ، و أخذهم الحنين إلى أيام الفرس و عبادة النار عمدو إلى الدسائس و نشر الغي بين ضعاف الإيمان ، و استغلهم السبئيون الخبثاء شر استغلال ، فسخروهم لنشر غلوهم بين الضعفاء و سفلة القوم في فارس ،و للأسف نجحت جزئيا مكائدهم و دسائسهم التي بيتوها في أطراف الدولة الإسلامية في مصر و العراق ! و كان لنتيجة ذلك تأليب الرأي على الخليفة عثمان، رضي الله عنه، و التي انتهت باستشهاده و هو يتلوا القرآن الكريم! ثم جاءت نتيجة لذلك الفتنة الكبرى فخلطوا الحابل بالنابل، و أمعنوا في نشر الغي بين أوساط السفهاء و الشعوبيين. و في هذا الجو المحموم من الفتن فرخت تلك الأفكار العدائية ضد الصحابة و عمر بالخصوص في رؤوس الغلاة و السفلة من الناس ..و فيه أيضا ظهرت جل خزايا الفكر الشيعي من مثل عصمة الأئمة و علمهم الغيب و أفضليتهم على جميع الأنبياء و المرسلين بمن فيهم محمد ص ، و القول بعقيدة الولاية التكوينية ، التي أشركوا فيها أئمتهم مع الله في إدارة الكون، و إلى هذه العقيدة الوثنية يستند الخميني في قولته المشهورة و التي ضمنها كتابه الحكومة الإسلامية .إذ قال : " إن للأمتنا مقاما لا يبلغه ملك مقرب و لا نبي مرسل، و أنهم كانوا قبل الخلق أنوارا حول العرش!!" و عقيدة البداء الإلحادية التي تنسب لله القصور في العلم ، و المزاجية في المواقف.و تكفير الصحابة، و اتهامهم باغتصاب الخلافة، و تكفير أمهات المومنين عدا خديجة! و ظلت هذه العقائد الكافرة تبرز حينا و تختفي حينا آخر حتى كان القرن الثالث و الرابع الهجري قام علماء الروافض كالكيني و الطوسي و القمي بتدوينها و نسبتها زورا و بهتانا إلى أئمة أهل البيت ، و زادوا عليها أقوالا فظيعة إلحادية تنفي العصمة عن كلام الله، و تتهم الصحابة بتحريف القرآن!!ثم لما جاء عهد السكير العربيد إسماعيل الصفوي أمر بإعادة نسخ كتب الشيعة فجاءت النسخ الجديدة ممعنة في الغلو و الكفر و الأساطير ،أكثر مما نسخت منه ، و ظهر كتاب البحار للمجلسي بحرا زاخرا بالغلو و الزندقة ،و مع ذلك فهو معين علماء الشيعة و إليه يستندون في مرجعيتهم.
هذه بعض الأضواء الكاشفة عن سبب ذلك الحقد العجيب الذي لم يزل يغلي في صدور الروافض على عمر رضي الله عنه . و بسببه حرمهم الله من أعظم شعيرة في أعظم الشهور ، و هي شعيرة صلاة التراويح.و إني لأعرف أشخاصا أصابتهم عدوى التشيع و لو من بعيد، كلما هل رمضان إلا و خنسوا و تواروا عن الأنظار ، خوفا على باطلهم من أن تذيبه أنوار صلاة التراويح في هذا الشهر الفضيل . و شفقة من أن تعصف به آيات الذكر الحكيم و هو يدوي في سماء المسلمين رابطا من في الأرض من المومنين بالأنوار المنزلة من السماء نفحات تترى يتعرض لها المومنون فيصيب كل منهم سهمه.إلا من رضي طريق الأشقياء.
و إن المرء ليعجب أشد العجب من فتور همة علماء الشيعة عن كتاب الله، و عدم اهتمامهم به،و برود همتهم و هم يشاهدون كل يوم الغالبية الغالبة من المسلمين مقبلين لى صلاة التراويح، فالمشهور عن الشيعة أنهم أجهل الخلق بكتاب الله، فلا تكاد تجد عبر التاريخ أحدا من علمائهم يحفظه أو حتى أجزاء منه،أو يعتني بعلومه.فأجهل الطوائف بالقرآن و علومه، و الحديث و علومه هم علماء الإثنا عشرية. و السبب معشر القراء هو ما هو مسطر في كتب القوم الأساسية من طعن في كلام الله و اتهامه بوقوع التحريف فيه. فقد روو مآت الروايات الباطلة في تحريفه! و هذا سبب نزع الله لقدسيته من قلوبهم، فمثلا أورد أحد كبار علمائهم هو النوري الطبرسي أكثر من 2000 رواية شيعة تدعي تحريف التنزيل، فكيف نتوقع من مرددي هذه الروايات الموبوءة ، و من مقدسي من أوردها أن تبقى في نفسه أية قدسية لكلام الله؟! بله مشاركة المومنين في تلقي الأنوار الربانية في قيامهم بصلاة التراويح؟
و مع كل ذلك فنحن نبتهل إلى الله أن يستنقذهم من ذلك الضلال المبين، و يأخذ بأيديهم من ذلك التيه البغيض الذي تتخبط فيه تلك النحلة الشاردة الشاذة إلى أنوار الحق، و إلى صراط الله المستقيم الذي عليه الأمة الإسلامية المباركة التي يزيد تعدادها عن مليار وثلاثمائة مليون، بدل الانتساب إلى ما لا يمثل عشر هذا العدد الذي يمثله الروافض الضالين.
0 التعليقات:
إرسال تعليق