الأحد، 24 مارس 2013

ما هي أهداف حزب الله؟ كتبها :أحمد الرواس- الجزء الثاني


تناقضات تفضح خلفية حزب الله الطائفية:  كثير من الناس قد اختلط عليهم أمر حزب الله حتى كادوا أن ينسوا قاعدته و أصوله الرافضية التي لم يغير الحزب منها قيد أنملة ،و قد أخذهم السيد حسن عن حين غرة ، فظنوه ناطقا باسم المسلمين جميعا! و ظنوه  محاربا  للهيمنة الأمريكية الإمبريالية بإطلاق ، وواقف ضد  المشاريع الاستكبارية في المنطقة بإطلاق، و محارب لعملاء أمريكا و عملاء الصهاينة أيا كانت جنسيتهم و انتماءهم  المذهبي!! لكن ظهرت في العقد الأخير مواقف يتبين من خلالها أن حزب الله ليس إلا حزبا شيعيا رافضيا، يعمل من أجل تمكين الطائفة الشيعية بأي ثمن ومهما كانت الفاتورة الأخلاقية، و القيمية،و العقائدية!و دعنا نطرح الأسئلة التالية:

ما ذا كان موقف الحزب بقيادة حسن نصر الله من الاستعمار الأمريكي للعراق ؟ ما ذا كان موقفه من المراجع الشيعة الذين تحالفوا مع الاستعمار في العراق ، و تعاونوا معه ؟ ما ذا كان موقف الحزب من المقاومة في العراق و من تقتيل أبناء السنة على يد الملشيات الشيعية هناك ، و هو له ارتباطات وثيقة معها، حتى إن مقتدى الصدر قال مخاطبا حسن نصر الله: نحن يدك الضاربة في العراق!! فمن ضربت هذه اليد، ومن ذبحت غير البسطاء من العراقيين كل ذنبهم أنهم خلقوا لأبوين سنيين!!
ثم ما ذا كان موقف الحزب من مراجع الشيعية  الذي جاؤوا  إلى العراق فوق الدبابة الأمريكية ، بعد أن نسقوا معهم  و رهنوا  مستقبل العراق !  مثل السيد باقر الحكيم الذي كان يترأس ما كان يسمى : بالمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق ، قبل قتله! و غيره.
و ما ذا كان موقف الحزب من عبد العزيز الحكيم ، الذي كان يعد أكبر عميل للأمريكان في العراق، و الذي سجل عليه التاريخ رجاءه لبوش أن يبقى في العراق مقابل القضاء على المقاومة؟
و ما ذا كان موقفه من المرجع الأعلى للشيعة، ألا و هو السيستاني الذي أفتى بحرمة مقاومة جيش الاحتلال الأمريكي ؟ و سكت عن جميع الجرائم الفظيعة التي ارتكبها و ما يزال ،الجيش الأمريكي ، و سجل عليه التاريخ عدم نطقه  ببنت شفة في فضيحة أبي غريب ،و تستر الحكومة الشيعية التي كانت تعرف بتلك الانتهاكات منذ بدايتها مع الاحتلال؟ لماذا آثر الحزب اللوذ بالصمت المريب، في هذه الفظائع التاريخية؟ لماذا خبت الخطب النارية ل "سيد  المقاومة" و هو يرى انتظام معظم المراجع الشيعة في العراق في خيط المؤامرة الأمريكية التي كانت تستهدف تدمير المنطقة ، و تغيير خارطة العالم الإسلامي الحضارية و الدينية لصالح خارطة شرق أوسط جديد! تمرح في ميدانه إسرائيل دون خوف، كما كان يحلم الجيش الأمريكي بأن  في العراق من أم القصر جنوبا إلى دهوك  و زاخو في الشمال العراقي، لولا أن نسفت المقاومة السنية كل تلك الأحلام الصهيوأمريكية ،التي كان يزهوا بها المحافظون الجدد، و جعلت جنود الاحتلال يرون في يوم مغادرتهم لأرض العراق، يوم ولادتهم للحياة من جديد.و لا أقول المقاومة السنية من باب طائفي، كلا ! و لكن من باب إسناد الفضل لأهله.فالذي قاوم الجيش الأمريكي في العراق هم أبناء السنة، ولا تزال أسماء مناطق السنة في العراق تحدث رعبا مدمرا في نفسية جنود الاحتلال الأمريكي، فيكفي أن تذكر أسماء مثل الفلوجة أو ديالى أو الرمادي أمام أفراد الجيش الأمريكي لترى معالم و جوههم يعلوها كدر القلق و الخوف .
 هل إذا تواطأ الصغار مع الصهيونية يعد خيانة، و جريمة لا تغتفر بينما تواطؤ المراجع الكبار  يعد مفخرة، و صلاحا و تقوى!؟
 الملاحظ أن الحزب قد آثر التكتم على كل جرائم المراجع الشيعة في العراق، و سكت على تواطئهم، و استمرت علاقة الحزب بالرموز الشيعة كأحسن مما كانت ، حتى إن الحزب نظم تأبينا لمقتل باقر الحكيم لم يسبق للحزب أن نظم مثله و أطراه " سيد المقاومة" بما لم يطر أحدا بمثله! و مما قال في مهرجان تأبينه :
" نحن فقدنا وخسرنا عالماً ربانياً، وفقيهاً كبيراً قضى عمره بالتعلم والتعليم والتدريس وتربية العلماء والمفكرين والمثقفين من بين تلامذته سماحة سيد شهداء المقاومة الاسلامية السيد عباس الموسوي عندما كان طالباً للعلوم الدينية في النجف الاشرف. وخسرنا مفكراً مطلا على القضايا الفكرية والثقافية وكاتباً ومحققاً ومؤلفاً فيها، وهو الفقيه ابن عصره، وابن جيله وابن معركته الحضارية التي كان فيها منذ نعومة اظفاره، والسيد الحكيم هو ذاك المجاهد والمناضل منذ صباه في ركاب المرجعية من اهل دولة الاسلام وعزة المسلمين وعدالة الحياة بين الناس، إذاً نحن امام المفكر الفقيه المجاهد القائد الذي لم يتخل عن مسؤوليته في يوم من الايام….."
و الملاحظ أنه تجاهل تماما أية إشارة إلى تعاونه و تنسيقه مع الأمريكان، و موافقته العلنية و الضمنية لإبادة الجيش الأمريكي لعشرات الآلاف من الأبرياء العراقيين.
 و هذا مثال واضح وضوح الشمس أن حزب الله حزب طائفي،تابع لإيران التي تغلب مصلحتها الطائفية و  الفارسية فوق كل اعتبار ، و هو مستعد كي يدوس على جميع شعاراته المتعلقة بمعاداة الإدارات الأمريكية، و سياسة الهيمنة  التي تنتهجها ، إن تعلق الأمر بأحد رموز الشيعة. و أنا أسأل المخدوعين بهذا الحزب ولا أسأل الحزب: هل يختلف قتل إسرائيل للفلسطينيين عن قتل داعمتها أمريكا للأبرياء في العراق! أم أن قتل الملايين هو مجرد مسألة إحصائية كما يقول الطغاة مثل ستالين.؟!
لا يشك كل مطلع على الأمور و ما يجري في الخفاء بعيدا عن ملاحظة العوام، أن لا ثابت في دنيا إيران و حزب الله سوى ما تتوطد به مصالح إيران الطائفية و الإمبراطورية الفارسية، وما عدا ذلك فهو قابل للمناورة، فمعيار حزب الله ليس مفهومي الحق و الباطل ، أو الخطأ و الصواب ،أو الوقوف ضد المستكبرين، و الدفاع عن المستضعفين !و ما إلى ذلك من الشعارات الرنانة في آذان المغفلين ، بل المعيار هو إرضاء إيران، و التعامل مع ما يحقق سيطرتها السياسية و العقائدية، أما شعارات : مقاومة الاحتلال ، و نصرة المستضعفين ، و مجابهة المستكبرين، والوقوف مع المحرومين فهي شعارات يمكن القفز فوقها ، أو دوسها . و في مبدإ التقية السياسية مندوحة من كل حرج. و مخرجا مذهبيا من كل وخزة ضمير.
 و الحزب مستعد أن يبتر حتى من أطرافه إن أشارت المرجعية المتحكمة في إيران له بذلك، و في هذا المنحى يمكن فهم تبرم الحزب وتنكر قناة المنار ،الناطقة باسم حزب الله، لمرشدها الروحي حسين فضل الله الذي رمته المرجعيات الشيعية سواء في النجف أو في قم بخيانة المذهب، و الانحراف عن نهج الأئمة عندما ناقش ترهات الشيعة المتعلقة ببهتان يفترونه بين أيديهم و أرجلهم عن عمر رضي الله عنه  في كذبة إسقاط جنين فاطمة رضي الله عنها !و هي أشهر كذبة في التاريخ،و يتطلب تصديقها بلادة حمار! فلم يكن هناك جنين ولا محسن و لا وقعت حادثة إسقاطه ! و من يصدق هذا الإفك لا بد أن يصدق أولا أن عليا كان رجلا جبانا و امرأ رعديدا!! و من يقرأ كتاب : الحوزة تقاوم الانحراف! الذي كتبه ملالي قم في تحذير الشيعة من فكر و مواقف حسين فضل الله، يستغرب من كمية التعصب المقيت التي يرزح تحته ملالي إيران مما ينطفئ معه تماما أي أمل في إصلاح هذا الفكر الدفين تحت طبقات كثيفة من الخرافات و الأحقاد المتراكمة في دنيا غلاة الشيعة منذ ابن سبإ مرورا بالطوسي ، و إسماعيل الصفوي إلى الطبطبائي المعاصر، صاحب كتاب أنوار الأئمة و الذي بلغ به  الغلو في تقديس الأئمة حدا لم يسبقه إليه أحد في الأولين و الآخرين. و فاق به الطباع الإنسانية السليمة من الجنون .و أنا أستحيي من ذكر أفظع ما ورد في كتابه هذا.
 و قامت الحوزة الإيرانية بتوصية  أتباعها و مريديها من الشيعة بهجر كتبه، و محاضراته، فبقي منبوذا من أتباعه  في بيروت كالمجروب، لا يقربه سوى القنوات المحسوبة على السنة.
ومن خلال هذا الفهم يتبين بوضوح أن الحزب يعمل طبقا لأجندة سياسية إيرانية، سواء على المستوى المذهبي أو السياسي أو الإعلامي ، و أية اعتبارات أخرى تأتي في المقام الثاني،أو الثالث، أو حتى الأخير. فأبرز صفة لحزب الله هي عدم الاستقلالية في القرار عن طهران. فقد سخر الحزب قناته المنار للترويج لكل ما هو إيراني حتى الأفلام الفارسية، و تلك التي تمجد نظام ولاية الفقيه! ولازلت أذكر كيف  أن قناة المنار عرضت فيلما إيرانيا عن معركة صفين و واقعة الجمل، و أظهرت عدة مشاهد تسيئ لصحابة الرسول ص و من تلك اللقطات، لقطة مجموعة من أصحاب علي جالسين فوق تل،و يمر موكب تحتهم يظهر فيه مجموعة  متعجلة  معهم هودج على جمل، فسأل أحدهم : من يكون هؤلاء؟ فأجاب الآخر بالحرف: هذه عائشة متوجهة إلى معاوية لتأخذ جزاء خيانتها!؟ و هكذا أمست المنار تنقل إلينا أحقاد الفرس على صحب النبي وأمهات المومنين دون حياء.و لا تبالي بصدم مشاعر أكثر من مليار و مئتي مليون مسلم سني .ممن يومنون بقول الله تعالى : النبي أولى بالمومنين من أنفسهم، و أزواجه أمهاتهم.
كثيرون يظنون أن موقف حزب الله من مقاومة إسرائيل هو موقف مبدئي ينطلق من الواجب العقائدي لتحرير فلسطين و تحرير القدس! و هم لا يعلمون أن الحزب فرض عليه القتال بسبب جغرافي محض!  لأن سكان جنوب لبنان هم من الطائفة الشيعية ، وكانت بداية مقاومة حزب الله في الجنوب اللبناني هو توغل القوات الإسرائلية في الجنوب و احتلال أجزاء كبيرة منه ، ووصلت إلى بيروت صيف 1982 ، فكان لابد للحزب الذي ظهر في سياق حلم إقامة دولة شيعية يمثل الجنوب عمودها الفقري،كما رأينا في المقال الأول من هذا البحث، كان لا بد أن يقاوم هذا الاحتلال الذي يعيق مخططه الذي بدأ منذ ، موسى الصدر ،و عباس الموسوي ، ولو أن الذي كان تعرض للإحتلال هو الشمال اللبناني لما  كان الحزب حرك ساكنا- و هذا ليس حكما على النوايا فقد سجل التاريخ أن إيران  لم تحرك ساكنا عندما أقدم النظام السوري السابق على تدمير حماة و قتل مآت الأبرياء من أبناء الإخوان المسلمين! بل صدرت مواقف من إيران مؤيدة لنظام البعث في ذلك القمع الوحشي،و اتهام كبار قاداتها مثل آية الله خلخالي المقتولين في شوارع حماة و سجونها من الإخوان المسلمين بأنهم عملاء أمريكا!!كما أن حزب الله اكتفى بالتفرج على مذابح الفلسطينين على يد إخوانه الشيعة في حركة أمل لمدة أكثر من سنة! فمن يصدق أن حزب الله كان سيتحرك لو أن الذي هوجم كان الشمال اللبناني ذي الأغلبية السنية؟. كما أن كثيرا من الناس لا يعلمون أن جيش المقاومة اللبنانية الذي يتزعمه حزب الله كان غالبية المقاتلين فيه من  أبناء السنة ، فحسب بحث الدكتور السرجاني فإن عدد السنة في ذلك الجيش بلغ 38في المئة ، بينما بلغ الشيعة 25 في المئة 14 في المئة من الدروز.و مع ذلك فإن الغالبية من الناس يتصورون أن المقاومة في لبنان لا فضل فيها لأبناء السنة، بل لا يقوم بها سوى الشيعة بقيادة حزب الله .
إذن، من  خلال التأمل في هذه الوقائع يتبين في وضوح مرة تلو مرة، أن صراع الحزب مع إسرائيل هو صراع مصالح و ليس صراع مبادئ، فالحزب تحكمه الجغرافية اللبنانية الوطنية ، و ليس معنيا مبدئيا بتحرير فلسطين، و لا بتحرير القدس ، و لا الدفاع عن الفلسطينيين، و لا إيقاف المجازر ضد أبناء فلسطين إلا بقدر ما يسمح به الجانب الإعلامي ، و المناورات السياسية ،سواء تعلق الأمر  على أرض فلسطين، أو حتى على الأراضي اللبنانية أو في العراق، حيث تعرض الاجئون الفلسطينيون إلى حرب شبه إبادية من طرف الملشيات الشيعية في تسترإعلامي لافت لحزب الله، كتستره على عمالة كثير من مراجع الشيعة للغازي الأمريكي كما أسلفت.
و كل تصريح فلت من الحزب فيما مضى  يجعل من أهداف الحزب تحرير فلسطين أو القدس، قد نسخ ببيانات واضحة تؤكد أن الحزب هو من أجل الدفاع عن الأراضي اللبنانية،و في هذا الصدد يصرح حسن نصر الله لجريدة الأنباء عدد 8630 الصادرة في 27/5/2000 قائلا :
حزب الله لن يشارك في أي عمل عسكري ضد إسرائيل لهدف تحرير القدس.
 كما صرح حسن روحاني، الأمين العام لمجلس الأمن القومي جريدة الحياة18/1/2004
قائلا:
حزب الله مقاومة تقتصر على الأراضي اللبنانية.
 و حتى أحمدي نجاد صاحب التصريحات العنترية و المتناقضة  ضد إسرائيل قال :
إيرن لاتمثل تهديدا للدول الأجنبية، و لا حتى للنظم الصهيوني: جريدة الشرق الأوسط 29/8/2006
و إسرائيل تعرف أن حزب الله ، و الشيعة عموما في الجنوب لن يشكلوا أي تهديد لحدود فلسطين الشمالية . وهذا أمر واقع فبعد اتفاق : تفاهم نيسان المبرم بين حزب الله و إسرائيل وقع الاتفاق على عدم مهاجمة أراضي الغير ابتداء ، ودفعت إيران حزب الله إلى توقيعه دفعا، و قد التزم حزب الله بهذا التفاهم و طبقه بحذافيره، فتحول بذلك الاتفاق إلى حارس للحدود الشمالية "لإسرائيل" مانعا كل من يقترب إليها من المقاومين الفلسطينيين ، حتى عندما كان سفاحوا إسرائيل يحصدون الفلسطينيين حصدا في اعتداءاتهم، و مذابحهم. و هذا الشئ تعرفه إسرائيل و لذلك فقد صرح أرييل شارون في مذكرته ص583 أنه" لم ير يوما في الشيعة أعداء على المدى البعيد! "
و ما يجهله كثيرمن الناس أن القرى  و المدن الشيعية في الجنوب خرج أهاليها يستقبلون جيش الاحتلال الإسرائيلي في بداية اجتياح 82 بالورود و الزغاريد!و ذر الأرز، و ذلك ليخلصوهم من الفلسطينيين و فصائلهم! و قد رآى الناس ذلك في بداية الاجتياح ، بل ممن صرح بذلك:  صبحي الطفيلي- الأمين العام الأسبق لحزب الله- في الاستجواب الذي أجرته معه جريدة الشرق الأوسط.
بل على العكس فإن إسرائيل ترى في التنظيمات الشيعية اللبنانية و سيلة ناجحة للقضاء على الوجود الفلسطيني في لبنان عامة، و الجنوب خاصة، لأن الفلسطينيين بمختلف تنظيماتهم هم من يشكل خطرا حقيقيا على أمن إسرائيل وراحة بال شعبها المغتصب .و لذلك فقد جاء في كتاب : أمل و حزب الله .لتوفيق المديني ص 81:  
"إن البرنامج الضمني لحركة أمل هو القضاء على الوجود الفلسطيني المسلح باعتباره يشكل تهديدا رئيسبا لأمن المجتمع الشيعي."
 و لعل هذا الوضع الميداني الذي يصب في مصلحة إسرائيل هو ما جعل صبحي الطفيلي الأمين العام الأسبق 89/91 لحزب الله يتهم حزب الله بتحوله إلى حامي الحدود الشمالية لإسرائيل. فقد جاء في مقابلته مع جريدة الشرق الأوسط عدد الخميـس 28 رجـب 1424 هـ 25 سبتمبر 2003 العدد 9067 قوله ردا على سؤال: 
 اذاً، تعتبر ان المقاومة انتهت؟
ـ" وهل ذلك موضع نقاش؟ لقد بدأت نهاية هذه المقاومة مذ دخلت قيادتها في صفقات كتفاهم يوليو (تموز) 1994 وتفاهم ابريل (نيسان) 1996الذي اسبغ حماية على المستوطنات الاسرائيلية وذلك بموافقة وزير خارجية ايران."
إن حزب الله، باختياره الارتباط العقائدي و المرجعي بإيران، تحول إلى أداة إيرانية طيعة تهدد بها حينا، و تنفس بها الضغط حينا، و تبيت بأفرادها  الخطط التي تخدم أهداف " الجمهورية الإسلامية" في المنطقة . 
و الحزب لا يملك حقيقة أي قدرة على مقاومة الضغوط الإيرانية ، و لا الاعتراض على اتجاهات إيران السياسية و الثقافية ، لأنه ببساطة لا يملك مصادر ذاتية لتموين مشارعه.فهو يستند في تدبير شؤونه كلها إلى العطاءات الإيرانية، فهو مرتهن تماما للتموين الإيراني. و قد يكون للحزب مواقف متبرمة من بعض القضايا الصادمة التي يتبناها ملالي إيران،و التي لم يعتد عليها كثيرا بعض معتدلي الشيعة في لبنان، كمثل الإسراف في حملات التشنيع على الصحابة و أمهات المومنين في مختلف وسائل إيران الإعلامية و الثقافية، أو كمثل مهادنة إيران لخطط أمريكا في العراق، بل و تعاونها المفضوح مع خططها في العراق و أفغانستان ، و تأييدها المطلق لعملاء أمريكا الذين نصبتهم حكاما جددا في العراق، و لكن حزب الله لا يملك إلا أن يسلم بهذه السياسات تسليما، فهو لا يمكن أن يعض اليد الذي تطعمه!و لا يمكن أن يناقش مع الذين يمدونه بالسلاح و العتاد، و هو وحده مقوم وجوده.و بسبب هذا الدعم فقد أصبح لإيران القدرة على إزاحة كل من يعارض سياستها في أي موقع كان في حزب الله. و أمامنا مثال صارخ لصبحي الطفيلي، الذي شغل منصب أمين العام لحزب الله من 89 إلى 91 و الذي حاول أن ينهج بالحزب نهجا استقلاليا فكان جزاؤه أن رمت به إيران خارج الحزب،و تنكر له أقرب المقربين إليه ممن تربوا على يديه في الحزب، بل وجد نفسه محاصرا و مطاردا و حبيس بيته في إقامة جبرية كتلك التي ظلت مضروبة على آية الله منتظري في بيته بقم لأنه عارض بعض الممارسات الإيرانية مثل الإعدام الجماعي للسجناء السياسيين،  فبقي هناك حبيسا إلى أن شيع إلى مثواه الأخير قبل أربعة أشهر، وأهملت وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية  إعلان نبإ وفاته إلى ما بعد مرور 24 ساعة.!
ما الفرق بين حزب الله و أي نظام مجاور آخر لإسرائيل؟
يكثر الحزب من تشنيعه على الدول التي تهادن إسرائيل في المنطقة، و تساهم بطريقة مباشرة أوغير مباشرة في الحصار على الشعب الفلسطيني ، و لكن عمليا ما الفرق بينه و بينها؟ إن الحزب محكوم في صراعه مع إسرائيل بنفس القيود التي تكبل بعض الدول العربية ، مثل مصر و الأردن التي أمضت اتفاقيات سلام و تفاهم مع إسرائيل سواء إتفاق : واد عربة أو إتفاقية كام ديفيد . فبموجب هذه الاتفاقيات ، تركز إسرائيل دوما على سلامة أراضي فلسطين المحتلة،و ذلك لتضمن هدوء بال المستعمرين الجاثمين على أراضي الفلسطينيين، و المحتلين لقراهم، و دورهم و حقولهم، بعد أن أبادوا آباءهم أو هجروهم، واستوطنوا مكانهم.  ففي البند الأول من المادة الرابعة من اتفاقية واد عربة1994 نقرأ من ضمن البند الأول …الامتناع عن التهديد بالقوة و استعمالها ضد بعضهما البعض .
 و هذا  البند هو تقريبا ما نصت عليه اتفاقية أو تفاهم نيسان المبرم ما بين "إسرائيل" و" حزب الله" في 26/4/1996 ، و هو عدم استهداف أراضي الغير بقصف المدنيين على حدود الطرفين، و بموجب هذا التفاهم يمتنع حزب الله عن قصف إسرائيل، و تلتزم إسرائيل في المقابل بعدم قتل المدنيين في لبنان ابتداءا .و لذلك فالحزب غير معني بالدفاع عن الفلسطينيين مهما تعرضوا للمذابح أو الإبادة داخل فلسطين.فهو إذن مكبل بنفس القيد. و كما أن الدول العربية المعنية لم تستطع أن تتملص من تلك الاتفاقيات عندما استفردت إسرائيل بالفلسطينيين وأوقعت فيهم و في أطفالهم المجازر! فإن "حزب الله" أيضا لم يستطع التملص من تفاهم نيسان بينه و بين إسرائيل. فإسرائيل لم تبق لهم غير الجانب الإعلامي و الدعائي يحيكون فيه عبارات الشجب و التنديد و التي لا تهز شعرة في رأس السفاحين الصهاينة .
فماذا فعل حزب الله و إيران للفلسطينيين في حرب غزة الأخيرة؟ أكثر مما فعلته الأنظمة العربية؟!وما ذا فعلت إيران أكثر مما فعلته السعودية مثلا؟! إن إيران و حزب الله لم يكونا أكثر بلاغة و لا أفصح بيانا في عبارات الشجب و التنديد المرصعة بالطباق والجناس للعدوان الهمجي  على الفلسطينيين في غزة من السعودية، على الأقل إن دولة كالسعودية بلغت تبرعاتها و مساعدتها المالية للفلسطينيين  ما لم تبلغ إيران عشره.
و أنا هنا لا أعني معارضتي لعقد أي اتفاق مع الكيان الغاصب،في إطار خطوات استراتجية هادفة لا تتنكر للثوابت و لا تحيد عن النهج الحضاري السليم، و لا تتخلى عن شئ من الحقوق في فلسطين ،كما لا يفهم من كلامي أن على حزب الله أوحماس أن تشن حربا غير مدروسة  لا هوادة فيها في كل وقت و حين على الكيان الغاصب ، فالصراع مع هذا الكيان صراع طويل و يحتاج إلى نفس أطول ،و حكمة بالغة ، و قد تتضمن مسيرة الصراع عقد هدنة و اثنين و ثلاثة، و لكني أقول فقط:
لماذا يعيب حزب الله و المتحمسين له  على بعض الأنظمة  تفرجها على الاعتداءات الإسرائلية ، و عدم نبذها لتلك الاتفاقيات المكبلة لها ،مع أن إيران و حزب الله محكومان بنفس الظروف .لماذا يرى حزب الله و من ورائه إيران  القذى في عيون الأنظمة العربية و لا ترى الجذع في عيونها.

 20 أبريل 2010 الساعة: 



0 التعليقات:

إرسال تعليق