فيلم إيراني يعتدي على مقدسات المسلمين
و يثير موجة احتجاج في تونس
أثار الفيلم الإيراني بلاد فارس :Persepolis ضجة في تونس بعد أن تجرأت فضائية نسمة على عرضه رغم ما فيه من تجرئ على الذات الإلهية و رغم ما يطفح به هذا الفيلم الكرتوني من إساءات بالغة لمشاعر المسلمين بل مشاعر كل المومنين ، و لمن لم يشاهد الفيلم أقول لهم لقد شاهدت بعض حلقاته و للحق فإني أقول أنني وجدته غاية في التفاهة و ممعنا في الخسة، فهو يتمركز حول احتقار كل ما هو جميل في الإيمان و يستهدف تشويه صورة المومنين في عين المجتمع، و هو فيلم مليء بالإسقاطات الرخيصة من أول حلقاته إلى آخرها, فليس في الفيلم شيء من المعرفة و لا من الدقة في تناول أية ظاهرة في المجتمع, بل هو يكرس تلك النظرة الاستئصالية الضيقة عند بعض الملاحدة التونسيين الذين كانوا يرتاعون في البيئة الادينية لبن علي الآسنة ، و الذين يصابون بالغم و الهم ، و ينتفضون كما لو لدغتهم أفعى كلما سمعوا بالدين أو الإيمان، و جاءت المخرجة الإيرانية مرجان ساترابي لتجسد ركامات من الأحقاد الادينية على المتدينين من كل الأديان و تحنط بثور تلك الرذيلة في صور لأطفال بريئين في المجتمع، قد يكون لذلك الفيلم التافه بعض القيمة التقنية من حيث الرسومات و المشاهد و انسيابية تتابع الصور، لكنه بكل تأكيد لا يحمل أية قيمة فنية أوعلمية أو حضارية، بل هو عبارة عن تقيء للكراهية ضد الآخر، فمن حيث تصويره للإله سقطت المخرجة في تلك النظرة البدائية المتخلفة و التي يتنزه عنها حتى وثنيو أدغال إفريقيا و شعب قبائل الأنكا. و هو في تجسيده للإله في صورة شيخ هرم ذو لحية بيضاء معلق في الفضاء كسحابة بيضاء قد يكون يعبر عما ترسب في الذاكرة الجماعية و المخيلة التاريخية للمجوس في إيران و الذين كانوا يعبدون فيما يعبدون آلهة كثيرة منها إلهة الماء و التي كان اسمها في تراث المجوس : أهوران Ahurani حيث كانت مسؤولة في أساطيرهم عن المطر و حبسه أو صرفه لمن تشاء !! و من حيث تصورها للإسلام فقد سقطت في تلك النظرة المغالية في التعصب و التطرف التي عليها دين الروافض في إيران فهي لا تعرف عن الإسلام سوى ما يعكسه بعض ملالي إيران المتعصبين. و هي بعد كل هذا و غيره تجسد تلك النظرة الانتقامية و المطبوعة بالصراع بين الإله و الإنسان و التي كانت سائدة عند خرافيي الإغريق و المجوس في الأزمنة الغابرة و لم يبق لها سوى بعض الوجود في بعض مناطق إيران و غيرها. و من القيم السلبية و الرجعية بحق و التي يكرسها الفيلم و يحاول نشر نتانتها بين الناس هي فكرة الجبرية و التواكلية فالشاه قد وضعه الله حاكما في الأرض و لا يجوز أن يثار عليه ؟ كما أن الفيلم يمجد التاريخ المجوسي لإيران و ينظر إلى الإسلام كشيء دخيل على بلاد فارس.
إن مثل هذا التخلف في التصور و الحقد في النظرة لكل ما هو خيّر في الإسلام و تاريخه نعرف منابعه و قد خبرنا أنصاره في بلاد ما وراء النهرين، لكن ما حاجتنا نحن في العالم الإسلامي إلى مثل هذا الخبث الذي يزكم الأنوف ؟ و ما حاجة الشعب التونسي المؤمن إلى هذه القمامة و هو النظيف في عقيدته الإسلامية السنية الوسطية النقية؟
ما حاجة شعب تونس القيروان وابن خلدون و العلامة بلخوجة بل و شعب أعظم ثورة في التاريخ الحديث إلى أن تعرض عليه هذه الزبالة التي تكرس لتلك النظرة الحاقدة و تمجد تلك الأعراف الوثنية المجوسية السافلة ؟
الحق أن هناك في تونس بقايا النظام البولسي لزين الهاربين من الملاحدة العرب و الحاقدين على دين الإسلام و كل من يتشبث به ، ما يزالون يتربصون في طريق الخير الذي فتح أمام الشعب التونسي المسلم، و هم لن يألوا جهدا في وضع العراقيل في طريقه نحو الازدهار و بناء دولة العدل و الفضيلة و الرحمة. و قد وجدوا في بعض الأفلام الإيرانية ما ينفس عن أحقادهم، و ليست صدفة أن تقوم حكومة الطاغية بن علي باستيراد أفلام إيرانية صادمة لمشاعر المسلمين كالمسلسل الإيراني: النبي يوسف و الذي صدم مشاعر المشاهدين بتجسيده للأنبياء مما أثار استياء و احتجاجا قبل عامين في عهد بن علي نفسه.
و اليوم يخطوا بعض المتربصين من أزلام النظام البائد على نفس النهج فيستوردون من إيران أفلاما صادمة لمعتقدات الشعب التونسي العظيم.
و ليس المدعو نبيل القروي مدير فضائية نسمة التي كانت لآخر لحظة ممجدة لطاغوت بن علي إلا مثالا على أولئك الحاقدين المتربصين و المنافقين الانتهازيين..و من المضحك أن نبيل القروي قال في إحدى تصريحاته أننا لم نطرد ديكتاتور لاستبداله بآخر؟ و كأنه يريد أن ينسي التونسيين أنه كان من أزلام و منافقي الديكتاتور بل كانت قناته ناطقة بأهوائه ، و ما تزال اليوم وقفا على أعوان النظام السابق على شاشتها يلمع صورهم و يرفع من خسيستهم.. فعن أي إسقاط للديكتاتور يتحدث هذا المنتهز؟ و أي دور لعبه هو أو لعبته قناته في الثورة؟ لقد كانت قناة نسمة موضع تندر عند الكل و مثالا فاضحا على النفاق و العقلية الانتهازية و الحربائية .فهي قد ثبتت في تأييدها المطلق لابن علي و زبانيته إلى أن فر هاربا خارج البلاد.. بعدها بدقائق ارتدت مسوح المنافقين و بدلت ولاءها و انقلبت 180 درجة!!. و صدق الرسول الأعظم القائل: إذا لم تستح فاصنع ما شئت.
لقد اختارت قناة نسمة أن تعرض هذا الفيلم التافه لأنه يسخر من المسلمين المتدينين،و يستهزئ بالشباب المؤمن و يسخر من اللباس الشرعي المحتشم، و يرهب المشاهد من المؤمنين المتدينين ،و في كل هذه الأشياء ما يخدم عقلية المستأصلين من أزلام النظام البائد، و هي رسالة ضمنية تهدف بكل صفاقة إلى تنفير الناس من حزب وطني مناضل و عريق هو حزب النهضة التونسي الذي لم يقدم أي حزب في تاريخ تونس من التضحيات ما قدمه في سبيل مقاومة فساد بن علي و حاشيته، إنه إذن فيلم يخدم المصالح الضيقة و الأحقاد التي رضعها أزلام نظام بن علي من ملاحدة تونس و تربوا على مص ثديها في أحشاء و تلافيف نظام زين الهاربين الفاسد.
نبيل القروي الذي حطم الرقم القياسي في سرعة الانقلاب الذاتي ، و يتربع بحق على قمة هرم الانتهازيين الجدد في تونس و الذي أصبح يقدس بن على صباحا و أمسى يلعنه مساء ، و هذا ما جعل من قناته المشبوهة تصبح موضع تندر و مضرب المثل في الانتهازية حتى عند الشعوب الأخرى فكيف بالشعب التونسي الذي يبقى عليه أن يطهر البلاد من منافقي النظام السابق و يخلص الشعب التونسي من أبواقهم الأفّاكة. أراد نبيل القروي بهذا الفيلم الإيراني المستهزئ بالإسلام و الشباب المتدين في إيران أن يسقطه على الشباب المتدين في تونس ! و لجهله المعيب لا يدري أن هناك بونا شاسعا ما بين الإثنين. و لا يعلم أن المذهب السني الذي عليه أكثر من 90% من المسلمين و أكثر من 99% من التونسيين هو مذهب معتدل بطبعه و وسطي في جوهره ولا يضيره بحال أن يظهر بين صفوفه في فترات من الزمان بعض المتنطعين و الغلاة في المواقف لأن النادر لا حكم له كما يقول علماء الأصول.
و يؤسفني أن بعض القنوات اندفعت نحو مهاجمة المحتجين متعللة بالدفاع عن حرية الرأي !! و متسرعة بشكل غير مهني بالقول إن المتشددين هم من خرجوا في المظاهرات العارمة التي عمت أكثر من مدينة في تونس و عمت مختلف المناطق في العاصمة، و كل من تابع الحدث علم أن كل الشرائح شاركت في تلك المظاهرات فكنت ترى الشابة المتحجبة و الغير متحجبة جنبا إلى جنب و الشباب الملتحي و غير الملتحي،و المتحزب و غير المتحزب كلهم يحتجون بصوت واحد و هدف واحد هو إغلاق هذه القناة التي هي لعنة من لعنات نظام الاستبداد لابن علي. إلا أن بعض القنوات استغلت خروج بعض الأفراد من الجماعة السلفية و حمل أفراد لعلم –قبل إنه علم القاعدة- عن وعي منهم أو عن غيره فجعلت من الحبة قبة و راحت تتحسر خوفا من مصادرة حرية الرأي و تبدي تعاطفا مع الانتهازيين في تونس و كأن حرية الرأي لا تكمل إلا بانتهاك حرمات الإسلام الذي يدين به الكل !!! متى كانت مهاجمة معتقدات الغالبية من الشعب و السخرية من مقدساتهم آية على حرية الرأي و حق التعبير؟
لقد وجد المعادون للإسلام و تاريخة و تراثه من ملاحدة العرب ضالتهم فيما يفتريه غلاة الرافضة على تراث الإسلام و رموزه من نقلة الدين الإسلامي من أصحاب الرسول فهم دوما عالة في أحقادهم على غلاة الشيعة، و الغريب أنه حتى ملاحدة الفرس و علمانيوهم أصبحوا نموذجا يحتدى في الاستهزاء بالمقدسات الإسلامية عند نظرائهم في البلاد العربية. و قد صدق لبيد بن ربيعة عندما قال:
إذا كان الغراب دليل قوم *** مر بهم على جيف الكلاب!
أكتوبر 21st, 2011 at 3:50 م
أكتوبر 29th, 2011 at 1:19 م