قبل أسابيع قليلة قرأت مقالا لخالص جلبي في يومية المساء المغربية يتحدث فيه عن أصل الإنسان على ضوء النظريات الأنثروبلوجية ، و في هذا المقال لا يخرج خالص عن النظرة التقليدية التي سادت في الغرب بعد ظهور نظرية داروين محاولا إضفاء ظلال من الشك على ما يصادم تلك النظرية التي أكل عنها الدهر و شرب ، ولم بعد يؤمن بها إلا بعض المتعصبين بعد أن ظهر للوجود مآت الأدلة الدامغة على سخفها و بطلانها ، وفيما يلي رد مختصر على تلك المقالة .
إفتتان خالص جلبي بعلم الأنثروبلوجيا
قبل أسابيع قرأت نفس هذا المقال في يومية المساء المغربية . ويذكرني هذا المقال و حماسته الزائدة لعلم الأنثربلوجيا بتلك التعويذة المصورة و التي أريد لها أن تعلق كتميمة محنطة في مخيلة الناشئة يوم كنا ندرس في المدارس الأمريكية و الفرنسية، و تلك التعويذة هي تلك الصورة النمطية لتطور الإنسان من قرد الشمبانزي المطوي ب90 درجة إلى الهوموسابين إلى الإنسان و بينهما مخلوقات وسيطة ! و الصورة عبارة عن مؤشر متصاعد يبتدئ مع الشمبانزي القصير الماشي على أربع و رأسه إلى الأمام ثم تليه مخلوقات أخر عق عنها مختلقوها باسماء معجمية إلى أن يصل المؤشر للإنسان السوي المنتصب بمستوى 190 درجة! و يكتمل المبيان و كأننا في درس اقتصادي .الحق أن كل تلك الأشياء هي مجرد ترقيعات يراد منها ترقيع نظرية داروين التي تزداد تهرأ مع مرور الوقت وتطور العلم، و ليس في كل تلك الصور التخيلية المتهافتة صبابة من علم ! و لن يجدي التطوريين نفعا أن يحقنوا جسم الدروينية بمكاشفاتهم الأنثربلوجية المتعالمة فقد أقبر العلم هذه النظرية و آن للجميع أن يهيلوا على جثتها المتعفنة التراب.و حسب تتبعي فإن ضربات قاضية متتالية قد وجهت لتلك النظريةالمغرضة أولها كا ن الفتح العلمي في الحصر العام للجينوم البشري قبل حوالي 10سنوات خلت ، و ثانيهما كان كتاب العالم المرجع الإحيائي النيوزيلاندي مايكل ديلتن في كتابه النشوء والارتقاء نظرية تعيش أزمةThe Evolution: a theory in crisis و قد جاء الكتاب بعد عكوف مخبري دام سنوات عدة ، و هو من أمتع الكتب التي قرأتها وأكثرها فائدة في بابه ،و أرجوا أن يقرأه كاتبنا فيمتع قراءه بشئ من العلم الحقيقي.و توالت انتكاسات الدروينيين ،و قبل شهور أعلن في أمريكا عن الموت السريري نهائيا لنظرية داروين بعد أن سقطت عكازة لوسي التي كانوا يعكزون عليها بعد أن اكتشف هيكل عظمي لأنثى بشرية أسموها اختصارا أرضي ، تقدم عن لوسي بمليون سنة فقد عاشت حسب تحليل كمية الكاربون المشع قبل 4 ملايين من السنين! و هي ذات عمود فقري منتصب تماما ، كما لوكان لصورة سينية لشابة جميلة واقفة أمام المصور .و هي لا تختلف عن أنثى القرن 21 إلا في تكاثر الشعر على جسمها ووجهها اقتضته ضرورات الفوتوشوب لتخفيف الصدمة على التطوريين!.
ثانيا يتحدث الدكتور عن –علم- الأنثروبلوجيا كما لو كان علم الحقائق الأزلية! مع أن كل من قرأ تاريخ هذا العلم و تتبع مسيرته منذ القرن الثامن عشر يوقن أنه من أكثر فنون العلم عبثا ، و أكثفها تناقضات وتهافت!و يكفي أن يعلم أستاذنا أنه ومنذ ظهور بوادره الأولى على يد الأنثروبلوجيين التطوريين و هو يتعرض للتسفيه على يد المشتغلين به ، فكل جيل من الأنثربلوجيين يلغي و يسخر ممن سبقه.
و أغلب هذه المدارس و النظريات لا يكتب لها أن تعمر أكثر من جيل واحد، فمنذ أطلت نظرية الأثربلوجيا مع التطوريين في القرن 18 ثم التاريخيين ثم البنائيين الوظيفيين في القرن 20 ثم نظرية التفكيكية /التقويضية على يد جاك دريدا الشاذ جنسيا ،و هذه النظريات تتصارع فيما بينها و يسفه بعضها أحلام بعض ، و لعلنا لن نلبث إلا قليلا حتى تظهر للوجود مدارس أخرى تفند كل زعم المدرسة البنيوية و التفكيكية و كل المدارس السابقة و تحاول أن تقنع المتسوقين بجدارة نظريتها هي الأخرى .هناك نظريات أخرى تسخر من التفكيكية/ التقويضية وتعتبرها مسخرة ، فما هذا الانتشاء الزائف يادكتور؟
0 التعليقات:
إرسال تعليق