الجمعة، 15 مارس 2013

إيران في ظل نظرية أم القرى


 إيران في ظل نظرية أم القرى
-أحمد الرواس-       
منذ 1987 قام محمد جواد لارجاني  الذي تقلب في عدة وظائف مهمة في دولة إيران منذ الخميني و إلى اليوم ، و أخ علي لاريجاني رئيس مجلس الشورى و الذي سبق أن ترأس الملف النووي في المحافل الدولية، قام بإعداد خطة تعد بمثابة خارطة طريق للسياسة الإيرانية المتعلقة بما حولها من الدول العربية و اإسلامية، و قد أسماه : مقولات في الاستتراتيجية الوطنية و ضمنه نظرية باسم: نظرية أم القرى ! و يعد جواد لارجاني من أشهر أساتذة الفزياء في إيران! مما يعطي انطباعا مناقضا تماما عند قراءة كتابه..     
إشارة الدكتور عبد الله النفيسي في المقابلة الرائعة التي أجراها في الرياض مع معد بنامج : واجه الصحافة يوم 17/06/2011 إلى هذه النظرية-  و هذا رابطها على اليوتوب لمن فاتته: ب   
بعد سماعي لتلك المقابلة المفيدة بحثت بجد عن ذلك الكتاب حتى وجدته وقرأته و إذا بي أصاب بالذعر مما احتواه من تحريض على العالم العربي و الإسلامي ! و ما ضمه من نفس خرافي غارق في الأساطير الشيعية المعيبة من قبيل نظرية الولاية العامة للولي الفقيه على سائر المسلمين! و ليس الشيعة فقط،و من قبيل النظرية الأسطورية لمهدي الشيعة المختبئ في السرادب منذ أكثر من 1260 سنة! فقلت لنفسي كيف ينسجم هذا الفكر الخرافي الأعمى مع حملة الشواهد العليا في الفزياء و العلوم الطبيعية البحتة!؟ و تذكرت قصة كان شيخي العلامة التليدي يذكرها لنا أثناء بعض دروس المنطق و هي أن أحد كبار الفلاسفة الهندوس كان يدرس طلابه في فناء مدرسة في إحدى قرى الهند  و بينما هو مستغرق في شرح أسس المنطق الأرسطي إذ مرت في الجوار بقرة هزيلة  فأوقف الدرس و أخذ يتأملها في خشوع فما هي إلا أن بدأت تتبول أعزكم الله حتى بادر بسرعة يتلقف بولها و يتمسح به في ذهول تام من طلابه، فلما انتهى سأله بعض طلابه كيف يوفق بين علوم الفلسفة و المنطق و هذا الفعل الأسطوري الاعلمي فقال لهم: هذا ديني و لا شأن للعقل به!!
إلا أن لاريجاني حاول في هذه الدراسة أن يمزج بين الأسطورة و الواقع! لست هنا بصدد تلخيص ما جاء في الكتاب الذي واجه انتقادات في إيران من طرف البراجماتيين الذين رأوا في تلك الخطوة كشفا لما كانوا يودون بقاءه ملفوفا في دثار التقية ! إنما قصدي أن أشير إلى حقيقة مشهورة عن إيران و هي أنها تعمل ضمن مخططات سرية عدائية لمن حولها من المسلمين، فإيران كما يرى هذا المسؤول الإيراني يجب أن تنقل أم القرى من مكة إلى قم، باعتبار أن إيران هي قلب العالم الإسلامي الحقيقي-أي الشيعي!- و هي في زعمه المريض وصية على العالم العربي و الإسلامي، وأن مرشدهم الأعلى هو في الواقع ولي أمر كل المسلمين و يجب على كل الدول و الشعوب العربية و الإسلامية أن تدين له بالولاء و الطاعة العمياء! كما أن الكتاب عقد فصلا فيه يكرس لرفض فكرة الاعتراف بأية حدود بين الدول العربية و إيران! و الكتاب كله تحريض على انتهاك هذه الحدود و السيطرة الفعلية على مكة و المدينة!
هذه الخرافية تذكرنا بالعقلية الأسطورية لأغلب المسؤولين الإيرانيين على رأسهم أحمدي نجاد الذي يحمل شهادة في الهندسة و مع ذلك فمحور تفكيره يدور حول خرافة وجود المهدي الأسطورة، و المسكون حتى النخاع بترهات المهدوية، بحيث يكرس لها معظم خطبه في الداخل و الخارج و حتى أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة! بل هذا التيار المعروف في إيران باسم التيار المصباحي نسبة إلى آية الله محمد تقي مصباح يزدي الأب الروحي الثاني لنجاد و الذي يزعم أن المهدي حي يرزق في إيران و أن هناك إتصالات يجريها فعليا معه كما يجري بعض أصدقائه في قم لقاءات مع المهدي !! و من هنا تولدت في أذهان هذه الطبقة فكرة الاستغناء عن نائب الإمام الذي هو خامنئي باعتبار أن المهدي موجود بالفعل في إيران و قد أظل زمانه و يوشك أن يعلن عن نفسه في أية لحظة!! و سعي إيران المحموم في تفريخ الصواريخ و الصناعة الحربية يفسره حماس ملالي إيران لتهييء إيران لتكون على استعداد لاستقبال هذه الشخصية الأسطورية التي لم يكن لها وجود أصلا بل هي من اختراع زنادقة الإمامية كما يعترف حتى الشيعة! فهي في زعمهم الموبوء ستكون القاعدة التي سوف ينطلق منها لغزو العالم  و أول ما سيفعله هو الزحف نحو أرض الحرمين و هدم الكعبة الشريفة!!
جواد لارجاني وضع لإيران خارطة طريق مؤسسة على العداء و المقت الشديد للعالم الإسلامي السني و القائمة على تشجيع إيران على السيطرة المذهبية و السياسية و العسكرية على العالم الإسلامي، و تغيير وجهته الدينة من مكة إلى قم  و هو بهذا لم يات بجديد بل أعاد علينا حلم القرامطة وحلم أبرهة الذين حاولا تحويل الوجهة العبادية للناس نحو قليسهم أو قمّهم!!
ما كشفه لارجاني في كتابه: مقولات في الاستراتيجيا الوطنية و مؤامرة أم القرى يحيلنا مرة أخرى على طبيعة التفكير و العقلية التآمرية لحكومة الملالي في إيران، فقد سبق لإيران أن تبنت خطة أسمتها بالخطة الخمسينية تستهدف فيما تستهدف تشييع معظم العالم الإسلامي و السيطرة على أرض الحرمين و قلب العالم الإسلامي ، و كانت إيران تحلم بأن تفرغ من تحقيق هذا الهدف في مدة نصف قرن!و ما مصطلح تصدير الثورة إلا تجليا أوليا لهذه الخطة التآمرية التي ترصد لها إيران أموالا هائلة من أموال الخمس و غيره.
لكن يبدو أن كل هذه الأحلام الفارسية الموغلة في التآمر قد أخذت تتبخر بسرعة أمام يقظة الشعوب الإسلامية و أمام الربيع العربي الذي أخذ بيده زمام الأمورفي أكثر من جهة خصوصا في مصر، و يبدو أن المخططين الاستراتيجيين لإيران قد أربكوا بهذه النهضة المفاجئة للمسلمين السنة، فقد استيقظت إيران و قد اكتشف الكل تآمرها على العالم الإسلامي من حولها، و اكتشفوا ازدواجيتها الفاضحة، و مما سرع في انكماش دور إيران  نفاذ حيلها السياسية المناوراتية فهي  لم تستطع في شأن انتفاضة سوريا المباركة إلا أن تكرر نفس اللؤم و التواطإ الذي سبق منها سنة 1982 عندما قام حليفها المقبور حافظ الأسد بإبادة أكثر من 40 ألف بريء و بريئة في مدينة حماة الصامدة، و هو موقف أقل ما يقال فيه أنه موقف تآمري منحط . اليوم يبدو أن إيران و عملاءها في لبنان قد ضاق عليهم هامش المناورة السياسية ودفعهم الرعب من مصيرهم الحتمي إلى أن يقفوا موقفهم العدائي من تطلعات الشعب السوري و توقه للانعتاق من عبودية الاستبداد الطائفي الذي ما يزال يمارس عليه منذ أكثر من 40 سنة تحت حكم حزب البعث الشمولي.
أنا أجزم أن أكثر من 90% من بقايا المخدوعين بإيران وحزب الله قد ألقوا الغشاوة أخيرا عن أعينهم و هم ييسمعون لحسن نصر الله و قد تحول إلى بوق لنظام القمع و الاستبداد في سوريا،كما يرون حسن نصر الله لأول مرة ربما و قد ألجأته الأحداث العظام في سوريا و أصابته هبة الشعب السوري بذعر حقيقي من فشل مخطط إيران الصفوي في المنطقة من قبيل ما ذكرت في هذه المقالة من الخطة الخمسينية و خارطة طريق أم القرى،و غيرها فانطلق قافزا على كل الحقائق على الأرض  ومعرضا بشكل تام عن ذكر الشهداء من الأبرياء الذين أبادهم بشار، و مخونا تطلعات الشعب السوري العريق نحو غد أفضل  و أخذ يزين لهم البقاء تحت ظلمات العبودية و القهر و الأثرة إتباعا لتعليمات مرشده الأعلى خامنئي الذي صرح بكل صفاقة أن على الغيورين أن يتطوعوا مع نظام الأسد لقتال الكفار!! وهو لا يقصد بالكفار إلا الشعب السوري الذي يطالب بالحرية، و هكذا فهو يدعوهم إلى الركون إلى الظالمين و الوقوف مع الجلادين  واتباع إرشادات علماء السوء من وعّاظ السلاطين مثل المفتي حسون و من جبن مثله.و بذلك يئد كل شعاراته الدعائية من قبيل نصرة المستضعفين على المستكبرين، و دعم تطلعات الشعوب ضد حكامها الظالمين، و معاداة علماء السوء و وعاظ السلاطين.حسن نصر الله و من ورائه إيران يدعوان الشعب السوري إلى الرجوع للعبودية و تقبيل اليد الذي تذبحه و كنس دماء الشهداء و رش العطر في ساحة الجريمة حفاظا على سمعة النظام المقاوم!! و يتناسى حسن نصر الله و خامنئي أن هذا النظام البعثي لم يطلق ضد العدو الصهيوني رصاصةواحدة في الجولان منذ استيلاء حافظ الأسد على سوريا قبل 40 سنة خلت فعن أية مقاومة يترنم حسن نصر الله، ثم لماذا يستهين حسن نصر الله و معبوده علي خامنئي  بالشعب السوري و يتوهم ادعاء أنه لن يأت بنظام مقاوم مقاومة حقيقية. لماذا يكرر حسن نصر الله و أسياده في إيران نفس الأكذوبة التي تشدق بها بعض الطغاة مثل علي صالح أن الانتفاضات العربية تدار من غرفة في تل ابيب؟ لماذا سخر منها نصر الله في اليمنو مصرو ليبيا و يكررها بحذافيرها في سوريا؟!
يا نصر الله و يا علي خامنئي أنتما و من تحتكما شيوخا في ازدواجية المعايير، و أحد بركات الانتفاضة السورية أنها كشفت للعالم عن طائفيتكما الفاضحة. 

0 التعليقات:

إرسال تعليق