الجمعة، 15 مارس 2013

ثورة الشعب السـوري بين إيران و تركيا


مر دهر من الزمان كان كثير من الطوباويين يتصورون إيران دولة إسلامية مناصرة لقضايا المسلمين في العالم بغض النظر مذهبهم! و أنها تقف دون غيرها مع حق الشعوب العربية و الإسلامية ضد الظلم و الطغيان، و الحيف و الفساد في البلدان! لكن ما هي إلا سنوات عديدة و إذا بحقيقة هذه الدولة المؤسسةعلى الأساطير الطوسية و الكلينية أخذت تتجلى للعيان. و لكن من الناس من فطن في وقت مبكر و ألقى عن عينيه غشاوة التضليل، و قد كانت العلامة الفارقة الكبرى الأولى دعم الخميني للمجازر التي ارتكبها حافظ الأسد المقبور في مدينة حماة سنة 1982، و وقوف حكومة إيران بالكامل مع النظام السوري في إبادة أكثر من 42 ألفا من الأبرياء في تلك المدينة المنكوبة. و العلامة الفارقة الثانية جاءت شهورا بعد ذلك بعد مجزرة حماة و هي إعطاء إيران الضوء الأخضر لحركة أمل الشيعية التي كان حسن نصر الله موظفا فيها بقتل الفلسطينيين الاجئين في لبنان، و ظل عملاء إيران يرون في الاجئين الفلسطينيين بجنوب لبنان منافسا حقيقيا يقف في وجه سيطرتهم الطائفية الكاملة على الجنوب، و عليه فقد ظلوا يتحرشون بالفلسطينيين و يضايقونهم و ينشرون الكراهية في قرى الجنوب ضدهم و وقعت مجازر بسبب ذلك كان أشهرها المجزرة التي قامت بها حركة أمل الشيعية في مخيمات صبرا و شاتيلا  و مخيمات برج البراجنة في ماي من 1985 إبتداء من أول أيام رمضان في تلك السنة، حيث أبيدت أعداد مخيفة من الفلسطينيين و اقتاد رجال أمل عشرات المرضى من مستشفى غزة و أجهزوا عليهم ذبحا و رميا بالرصاص. لقد تكشفت هذه الحقائق الفظيعة بالرغم من كون حركة أمل الشيعية قد ضربت طوقا على المخيمات و منعت الصحفيين من دخول المخيمات لمعاينة آثار تلك الجرائم البشعة، و هو الشيء نفسه الذي يقوم به النظام السوري حيث منع من بداية الانتفاضة جميع وسائل الإعلام العالمية من دخول البلاد للوقوف على حقيقة ما يجري. و تحدثت يومها صحيفة (صنداي تايمز)قائلة: " إنه من الاستحالة نقل أخبار المجازر بدقة لأن حركة أمل تمنع المصورين من دخول المخيمات، وبعضهم تلقى تهديدًا بالموت.. وقد جرى سحب العديد من المراسلين خوفًا عليهم من الاختطاف والقتل، ومن تبقى منهم في لبنان يجدون صعوبة في العمل.."   
وذكرت وكالة الأنباء الفرنسية: " أنه بعد سقوط مخيم صبرا انتشرت مجموعات من الشيعة في الجيش وحركة أمل في حالة عصبية كل عشر وعشرين مترًا لمنع الصحفيين والمصورين من التقاط أيًّة صور. وذكرت صحيفة صنداي تايمز أيضًا أن عددًا من الفلسطينيين قتلوا في مستشفيات بيروت، وأن مجموعة من الجثث الفلسطينية ذبح أصحابها من الأعناق".
وقالت صحيفة الوطن الكويتية: "لقد منعت حركة أمل واللواء السادس مراسلي الصحف حتى بعد سقوط مخيم صبرا من الدخول وحطموا الكاميرات والأفلام التي استطاع بعض الصحفيين التقاطها لآثار الدماء فقط، فما بالك بالجرائم التي صاحبت الأحداث".   
وذكرت وكالة (اسو شيتدبرس): "عن اثنين من الشهود أن مليشيات أمل جمع العشرات من الجرحى والمدنيين خلال ثمانية أيام من القتال في المخيمات الثلاثة وقتلتهم.. وكان من بينهم نحو 45 من الجرحى في مستشفى غزة.. وذكرت صحيفة (ريبوبليكا) الإيطالية أن فلسطينيًا من المعاقين لم يكن يستطيع السير منذ سنوات رفع يديه مستغيثًا في شتيلا أمام عناصر حركة أمل طالبًا الرحمة.. وكان الرد عليه قتله بالرصاص.. وقالت الصحيفة في تعليقها على الحادث: إنها الفظاعة بعينها

و اشتد الحصار على العائلات الفلسطينية في المخيمات و منع عنهم الطعام و الشراب حتى اضطروا إلى أكل القطط و الكلاب كل ذلك بمباركة و تواطإ واضح من إيران التي فضل زعيمها الخميني الدخول في خلوة ، و قد قرأت للأستاذ فهمي هويدي في كتابه إيران من الداخل استغرابه من تصرف الخميني الذي كان كثير من الطوباويين المخدوعين يأملون فيه أن ينهي تلك المجزرة ضد الفلسطينيين و يرفع ذلك الحصار الخانق خصوصا و هو دائما يتشدق بحق الفلسطينيين و كذبة تحرير القدس! لكن الخميني فضل إعطاء مزيد من الوقت لشيعة أمل حتى ينهوا عملهم، و في الوقت الذي كان الجميع ينتظرون خروج الولي الفقيه من خلوته ليتحدث عن الموضوع ،تحدث عن كل شيء إلا مأساة الفلسطينيين فقد ضرب عنها صفحا. يقول فهمي هويدي استغربت من هذا الإعراض ليس لأن الفلسطينيين هم الذين يقتلون في لبنان و لكن لأن الذي يبيدهم و يعذبهم هم شيعة من حلفائه!
يومها استيقظ من استيقظ و فضل السادرون في غفلتهم أن يتعاموا عن كل تلك الفظائع و يجتروا تعلات أمل الكاذبة. و عندما تواطأ مراجع الشيعة في العراق  مع الاحتلال الأمريكي و أصبح لإيران موطئ قدم متقدم على أرضها رآى العالم مافعلته إيران من خلال عملائها من فرق الموت الشيعية بالعراقيين السنة و بالفلسطينيين الاجئين في العراق فقد أبادت أعدادا رهيبة منهم لا لشيء إلا لأنهم فلسطينيون من السنة فقد كان عدد الفلسطينيين في العراق يقرب من 40 ألفا حسب الأونوروا و منظمات مدنية فلسطينية و اليوم لا يوجد أكثر من 12 ألفا و الباقي إما استشهد تحت تعذيب فرق الموت الشيعية أو هجر خارج البلاد. 
و حتى لا أشط بالقارئ في التفاصيل المتعلقة لخذلان إيران للعرب و المسلمين و المؤامرات التي تبيتها ضدهم فإنني أنتقل مباشرة إلى الموقف من انتفاضة سوريا، فالعالم أصبح اليوم يعرف نفاق إيران الصارخ من التغيير الذي يحدث على الخارطة العربية هذه الأيام، فقد كانت إيران تتبجح كذبا أن ما حدث في تونس و مصر و اليمن من ثورات و مظاهرات كان من إلهام ما يسمى بالثورة الإسلامية الإيرانية !!!! حتى إذا ما امتدت تلك الانتفاضة إلى الشام و طالت سوريا حليفتهم الطائفية  تنكروا للشعب السوري، و أخذوا يلمزونه و ينعتونه بالعمالة لأمريكا و لإسرائيل!! بل ويقدمون مختلف أنواع الدعم العسكري و العملياتي لقمع الشعب السوري، و لا يمل حكام إيران الطائفيين من ترديد تلك الترنيمة المفضوحة القائلة إن ما يحدث في سوريا أمر داخلي، تماما كما قالوا في مجزرة حماة سنة 1982!! بالرغم من أن الضحايا فاقت أعدادهم 1200 شهيد و شهيدة! و ما خفي أعظم، بينما في أحداث البحرين التي قام بها الشيعة دون غيرهم فإن الأمر ليس شأنا داخليا بل رأت إيران أن من حقها التدخل في البحرين! و جندت كل إمكانياتها الإعلامية و المخابراتية لدعم شيعة البحرين، و هندست لمظاهرات في طهران ضد مملكة البحرين و هي التي لم يتعدى عدد القتلى فيها 16 بينما في سوريا قتل المآت لكنهم لا يستحقون أن يذكروا إلا محفوفين بعبارات التخوين و النكاية. 
هل شهد العالم نفاقا و تدليسا أفظع من هذا؟
بينما الموقف التركي كان موقفا مشرفا للسياسة التركية الناجحة، فمنذ بداية الثورة في سوريا أعربت تركيا عن استهجانها الشديد للمجازر التي يرتكبها نظام الأسد، و دعته مرارا إلى وقف قتل المدنيين و الشروع في إصلاحات جذرية تستجيب لمطالب الشعب السوري في الحرية و الكرامة، و قد أفهمت تركيا الحكام في دمشق أنها تعرف المأساة في عمقها و أن عدد القتلى من الشعب السوري قد وصل إلى درجة لا تحتمل. و أن تركيا لا يمكن أن تسمح بمجزرة حماة جديدة !كما أن تركيا توفر الملاذ الآمن للهاربين بحياتهم و حياة ذويهم من بطش جزار دمشق، فأين هذا الموقف المشرف من تلك المواقف المخزية المتواطئة لإيران؟.
إنني أجزم أن أكبر خاسر في الانتفاضة السورية المباركة هما بلا أدنى ريب إيران و حزب الله إضافة إلى بشار، سواء نجحت الثورة كما هو أمل كل حر في هذا العالم، أو لم تنجح، لقد انكشفت سوءة إيران الطائفية أمام العالم و من يعود للانخداع بها و حلفائها الطائفين بعد اليوم يلزمه بردعة و لجام!

0 التعليقات:

إرسال تعليق