الأربعاء، 27 مارس 2013

عمرو خالد يقود الاحتجاجات ضد الظلم/أحمد الرواس



عمرو خالد من النظرية إلى التطبيق!
أحمد الرواس
فاجأ الداعية الكبير الدكتور عمرو خالد الكثيرين بنزوله إلى شوارع القاهرة و ميدان التحرير ، و أسقط تمثال الصورة النمطية التي بلطها عنه بعض خصومه الذين كانوا يشيعون دائما أنه داعية الفنادق ذات الخمسة نجوم! لقد أثبت عمرو خالد صدق دعوته، و إخلاص جهوده، و التحامه بالواقع، والاندماج الكلي في مسيرة المطالبة برحيل الظلم و الظالمين، سمعه العالم و هو يجأر ضد الظالمين في ميدان التحرير بوسط القاهرة،المطوقة بالمدرعات و الدبابات، و التي تخترق سماءها المقاتلات الحربية في محاولة ترهيب الشعب المصري و دفعه للتراجع عن مطالبه، بل يقوم من خلال الآلاف من أنصاره من أعضاء صناع الحياة بحراسة الممتلكات العامة، و توفير حماية للمواطنين في جميع أنحاء مصر، بعد أن أقدم النظام على سحب قوات الأمن ليفسح المجال ربما للنهب و السلب كوسيلة لعودة الناس عن مطالبهم!و تمني عودة النظام بكل ما فيه من بطش وظلم و تزوير. بل لقد افتضح الآن أن كثيرا من رجال الأمن يقومون بعمليات النهب و السلب والاعتداءات، و قد قام الأهالي بإلقاء القبض على العشرات منهم و تسليمهم للجيش الذي يقف على الحياد حتى الآن.
عمرو خالد يعيد إلينا صورة المجد التي كان عليها علماء الإسلام الذين كانوا ينحازون للمظلومين ضد الظالمين، و يخاطرون بتعرضهم للأذى و السجن و التعذيب من أجل مواقفهم البطولية. قد لا يكون الدكتور عمرو خالد أكثر الدعاة علما، و هو لا يدعي ذلك! و لكنه من أكثرهم شجاعة في الحق و أصدقهم في القول و الفعل. و من أبرزهم حكمة في التبليغ، و أنجحهم تحقيقا للمطلب القرآني الثنائي الأضلاع : الحكمة و الموعظة الحسنة.و من أمهرهم في عرض مواضيعه، و هو من أبرز الدعاة الذين اتخذوا من وسطية الإسلام منهاج حياة، و مدرسة ضموا إليها مآت الآلاف من الشباب ذكورا و إناثا ، فأعادوا للإسلام ألقه في نفوسهم، و استنبتوا له في نفوس الجيل الصاعد مراتع الأمل، أورقت بها قلوبهم فما عادوا يرون لمشاكل العصر حلا غير الإسلام الحق. و تلك غاية دون بلوغها فناء المهج و الأعمار. في دنيا تتلاطم فيها الأيديلوجيات و العقائد الضالة و تموج فيها الفتن بعضها في بعض. “يوتي الحكمة من يشاء و من يوت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا.و ما يذكر إلا أولوا الألباب”.
و لقد استمعت إلى العشرات من دروسه في السيرة النبوية فما وجدت أحدا أبرع في استجلاء الدروس منها مثله،و هو يحفظ أحداثها عن ظهر قلب، فلقد حببها للملايين من المشاهدين، و حبب إليهم أصحاب الرسول ص. وكانت دروسه العميقة الأثر سدا منيعا ضد حملات التشيع الرافضي  التي تجتاح ديار المسلمين ناشرة الأحقاد السود ضد أصحاب الرسول و أمهات المومنين ، ولقد قلت يوما لأحد أصدقائي أن درسا واحد من دروس عمرو خالد عن عظمة أصحاب محمد ينسف مئة سنة من دعوات الرافضة. لقد تعرضت كثير من مشارع الخير الحيوية لعمرو خالد للمضايقة و المحاصرة من لدن النظام المصري، و أقبرت كثير من مبادراته الإجتماعية و حرم من خيرها المصريون من ذوي الحاجة. بل تعرض هو نفسه للمضايقة من لدن النظام المصري و حرم من دخول بلده، و غصة ذلك لا يدركها إلا من جربها. و لكن عمرو خالد لم يتوان لحظة في المضي على درب الدعوة إلى الله، و إلى منهاج السلام الأوحد، فظل على صلة دعوية بمحبيه عبر وسائل الاتصال الحديثة، و يعد موقعه على الشبكة من أشهر المواقع في العالم و أكثرها زيارة، و هذا بحد ذاته إنجاز لم يوفق إليه ملايين العلماء.
إنني أتساأل هنا عن أولئك العلماء الذين تملأ الفضائيات أصواتهم و دروسهم ممن كانوا يتصيدون في مواعظ عمرو خالد عن أية شبهة يأخذونه بها و يحاولون نسفه من الأساس، و يزيحونه بها من طريقهم، و قد كنت أكبر أحدهم في نفسي حتى إذا سمعته يرغد و يزبد في الفضائيات، و يكيل الشتيمة و السباب لعمرو خالد لمجرد كلمة بالدارجة المصرية لم يقصد معناها بالفصحى. قالها عن جهود الرسول ص في محاولاته ثني بعض الكفار عن كفرهم سواء في الطائف أو في غيره دون أن يتحقق له المراد عليه الصلاة و السلام.عندها سقط من نفسي و استشعرت خطر الركون إلى دعاة لا يترددون في تفسيق إخوانهم أو تضليلهم لمجرد شبهة.و هؤلاء لن يرقبوا في مومن عذرا واحدا..و هذا ليس من دين الله في شيء أبدا. فعلي رضي الله عنه كان يقول:  لَا تَظُنَّنَّ بِكَلِمَةٍ خَرَجَتْ مِنْ أَخِيكَ سُوءاً، وَأَنْتَ تَجِدُ لَهَافِي الْخَيْرِ مُحْتَمَلًا!..  
وقد روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال: (لا تظن بكلمة صدرت من أخيك شراً وأنت تجدلها في الخير محملاً
إن هذا النهج الاستفزازي المتشنج البعيد عن نهج الرسول ص و أصحابه سقط فيه كثير ممن يدعون الالتزام بالسنة للأسف ، و أمثلته كثيرة ، و قد وصل التعصب بأحد الدعاة المصريين أن فسق و ضلل و كفر الدكتور طارق السويدان لمجرد أنه في أحد برامجه الرائدة في الحوار طالب معارضي اللباس الشرعي المسمى الحجاب بإجراء استفتاء في القاعة لمعرفة عدد الذين يعارضونه و الذين يؤمنون به، على وجه إلزام الخصم بادعائه للديمقراطية، و هو كان متأكدا أن الغالبية العظمى من الجمهور المصري المسلم الذي يحضر تلك البرامج كان سيصوت لصالح الحجاب.
مثل هذا الأسلوب المعتعسف يذكرني بأسلوب بعض الفرق الضالة مثل الشيعة و غلاة الصوفية الذين تضافرت جهودهم الخاسرة أبدا في محاولة نسف شيخ الإسلام بن تيمية، و تكفيره من خلال رفضهم حمل بعض أقواله في مناقشاته الفلسفية على محمل حسن النية .إن أصحاب هذا التوجه التشنجي المنبت على استعداد أن يعموا أبصارهم عن رؤية جبال من الحسنات و أعلام من المنجزات و عوالم من المثوبات لخصمهم في مقابل شبهة يعلمون و الله زيفها ولكن مرضا ما قد تمكن من صدورهم.
أين هم الآن من هبة الجماهير، أم أنهم يفضلون الانتظار حتى تميل موازن القوة إلى أحد الطرفين، فإن مالت إلى النظام، لاموا الذين شاركوا فيها واتهموهم بالتهور، و قالوا لو نعلم نجاحا ما لاتبعناكم! و إن كان الفتح من الله قالوا ألم نكن معكم.هل نقول لكم يومها جوابا : بلى و لكنكم فتنتم أنفسكم و تربصتم و ارتبتم، و غرتكم الأماني حتى جاء أمر الله.
في أحد دروس أحدهم سمعته يقول في مسألة توحيد الصيام و الإفطار في رمضان أن من صام مع السعودية من المصريين لا تثريب عليه ثم قال : مستدركا: و إني أشهد الله أنني –مع قولي هذا- فإنني أصوم مع المصريين و مع نظام البلد و ليس مع السعوديين-قالها مرارا و كأنه يتقي بمداهنته تلك خوفا وهميا تطارده وسوسته ليلا. فقلت ساعتها ما أجرأك على إخوانك من الدعاة و جبنك من وهم خوف يطاردك!
و من المواقف التي لا تنسى الموقف الشجاع للشيخ القرضاوي الذي وجه خطابا واضحا لا لبس فيه لحسني مبارك، و دعاه إلى حقن دماء الشعب المصري، و التخلي عن السلطة، و دعا الشعب إلى مواصلة التظاهر السلمي إلى أن يرتفع الظلم و يرحل الظالمون، و لو كان الشيخ القرضاوي يملك من الصحة و الحيلة ما يبلغه ساحة التحرير في القاهرة لكان بين أفراد الشعب واقفا ضد الطغاة.
إن العلماء و الدعاة يعرفون بالعلم و العمل، بذلك خلد التاريخ مواقف شيخ الإسلام ضد الطغاة من الفرنجة و التتار و غيرهم، و كذلك العز بن عبد السلام ، و الإمام مالك و أبو حنيفة و أحمد بن حنبل من قبلهم. خلدهم التاريخ و خلد مآت الآلاف من أمثالهم بالعلم و العمل. و ما الداعية عمرو خالد إلى لنهجهم السامي متبع و على خطواتهم يسير.  

في 31 يناير 2011

 

0 التعليقات:

إرسال تعليق