قصة ليلي الطرابلسي و سلوكياتها خلال فترة زواجها بزين العابدين بن علي هي الشاشة التي افتضح على رقعتها كل دناءة هذا الرجل الذي كان مجرد عبد لنزواته، و كان مجرد فزاعة في حقل تونس الذي أممته ليلى الطرابلسي لصالحها و صالح أفراد عائلتها.
ولدت ليلى الطرابلسي سنة 1957 لعائلة فقيرة تتكون من 11 ولدا هي البنت الوحيدة بينهم ، و كان أبوها مجرد بائع للخضر، لعله لم يكن يملك حتى العربة التي امتلكها البوعزيزي الذي حول جسده إلى شعلة نار أضرمت النار في أركان النظام التونسي الاستبدادي.
لم تكمل ليلى الطرابلسي تعليمها و لم تحصل إلا على الشهادة الابتدائية، و إن كان كبرياؤها قد جعلها تشيع في تونس إشاعة تفيد أنها حاصلة على شهادة الدكتوراة في الفنون! و كان أفراد الشعب التونسي يتندرون في الخفاء بقولهم إنها حاملة الدكتورة في الحجامة!
تزوجت ليلى الطرابلسي و هي لا تتجاوز 18 سنة لكن سرعان ما طلقت وتقلبت بعدها في عدة مهن أشهرها كوفيرة أو حلاقة لفترة و هي الفترة التي تعرف عليها فيها بن علي ، كما تقول بعض المصادر، حيث كان ذلك من خلال دورية كان يترأسها لمداهمة بعض الأماكن التي يبلغ عنها، وفي إحدى هذه المداهمات التي ترأسها بن علي بنفسه، تعرف فيها على ليلي الطرابلسي، و نشأت بينهما علاقة ما، دفعت به إلى تطليق زوجته الأولى ابنة الجنيرال المعوي الذي يرجع إليه الفضل في ترقيته و انتشاله من رتبته المهمشة، ذلك أن القانون في تونس يمنع تعدد الزوجات و يسمح بتعدد الخليلات، ففي 1986 يعلن بنعلي عن تطليقه لزوجته الأولى التي عرفته أيام الفقر و العوز، وارتمى في حضن ليلى الطرابلسي التي أنجبت له طفلتين قبل أن يعلن زواجه بها سنة 1992!
عندما دخلت قصر قرطاج بدأت خطتها البعيدة المدى و التي لا يقف أمام انطلاقها أي رادع، و حيث وجدت في هذا القصر مجموعة من الفاسدين و الناهبين لثروات البلاد من بنات الرئيس من زوجته السابقة، و أزواجهن فقد أخذت مكانتها بينهم، و بدأ تنافس محموم للإستيلاء على ما تبقى من خيرات البلاد و مقدراتها الاقتصادية، و قد جندت لهذا لاغرض كثيرا من أفراد عائلتها الطرابلسية فدخل على الخط إخوانها و بناتها و أزواج بناتها، و أبناء أعمامها و القائمة طويلة.
و عند دراسة مختلف المقالات و الدراسات التي تناولت إمبراطورية الفساد لعائلة بن علي بما في ذلك مختلف الوثائق السرية التي كانت الإدارة الأمريكية تحتفظ بها إلى أن تم تسريبها إلى موقع ويكيليكس الشهير.يمكن إعطاء الصورة الموجزة التالية:
عصابات متفاوتة
العصابة الأولى: عصابة النهب والاعتداء الأولى تتكون من إخوان الرئيس، و بناته من الزوجة الأولى و أزواجهن. فقد أثرى هؤلاء ثراء فاحشا عن طرق التهريب، إذ كانوا يهربون السلع المختلفة من أوروبا و غيرها، و تحت تغطية اسم الرئيس لم يكن أحد من موظفي الجمارك يجرؤ على عدم رفع السلام لأصحاب هذه السلع المهربة و من يقوم مقامهم في تسلمها، و كانت القوانين تعطل تماما عندما تصل سلع عائلة الرئيس، و لم يكن القانون يطبق إلا على من هو خارج دائرة الرئيس!
العصابة الأولى: عصابة النهب والاعتداء الأولى تتكون من إخوان الرئيس، و بناته من الزوجة الأولى و أزواجهن. فقد أثرى هؤلاء ثراء فاحشا عن طرق التهريب، إذ كانوا يهربون السلع المختلفة من أوروبا و غيرها، و تحت تغطية اسم الرئيس لم يكن أحد من موظفي الجمارك يجرؤ على عدم رفع السلام لأصحاب هذه السلع المهربة و من يقوم مقامهم في تسلمها، و كانت القوانين تعطل تماما عندما تصل سلع عائلة الرئيس، و لم يكن القانون يطبق إلا على من هو خارج دائرة الرئيس!
كما أثرى هؤلاء عن طريق الصفقات الوهمية، والمشبوهة! فقد كانت الأراضي و الضيع تسلم بالمجان لأفراد أسرة بن علي دون أي مقابل بينما يذيع رجال النظام و إعلامه أن ذلك تم بالمقابل!
و لم يكتف هؤلاء بتسلمهم مفاتيح خزينة الدولة ينهبون منها كيفما يشؤون، بل دفع بهم الشره إلى الاتجار في المخدرات، كما فعل رئيس هذه العصابة الأولى المدعو المنصف بن علي الذي كان يدير شبكة من مهربي المخدرات إلى أوروبا مستغلا الطاعة العمياء التي كان يحظى بها في أوساط وزارة الداخلية و الشرطة و الأمن و خصوصا رجال الجمارك. و هذا الرجل سبق أن أدانته المحاكم الفرنسية بجرائم تصدير المخدرات و حكم عليه بالسجن 10 سنوات غيابيا، في قضية عرفت بعنوان كوسكس كونكشن! لكنه ظل طليقا في تونس الذي كان يعتبرها عزبة أخيه و ضيعة زوجته ليلى الطرابلسي! و ظل يباشر أعمال النهب و السلب و الفساد إلى أن مات في حادث سير. و بموته أزيح أحد المنافسين الكبار عن طريق ليلى الطرابلسي.
العصابة الثانية: عصابة عائلة شيبوب. ببقيادة " سليم شيبوب لاعب كرة اليد القديم. و قد بدأ مشواره في النهب و السلب و الفساد عندما تقدم للزواج مندرصافي البنت الثانية لزوجة بن علي الأولى. و كان مصدر ثرائهم الرئيسي العطاءات الرئاسية و الهبات. لكن، و بفعل الاعبة الجديدة في قصر قرطاج فقد استبعدت هذه العصابة بعد أن استولت ليلى و عائلتها على تلك العطاءات و الهبات، و انحصر دورها في التجارات ذات العلاقة بالقطاع الرياضي، و رغم ما في هذا القطاع من موارد أموال و طرق الاختلاس إلا أنها لا تقارن بما كانت تحصل عليه ليلى الطرابلسي و أفراد عصابتها. بقي لبن علي بنتان من زوجته الأولى هما: غزوة و سيرين فماذا كان نصيبهما و نصيب زوجيهما من دماء الشعب التونسي؟
إحداهما- سيرين- تزوجت ب مروان مبروك المتحدر من عائلة ثرية، بمجرد أن يتم له الزواج ببنة الرئيس حتى يندفع بكل شره نحو النهب فيستولي على كل وكالات توريد سيارات الفيات، و الميرسيدس و غيرها، كما يستولي على البنك العربي الدولي!المعروف ب BAIT ثم تملكه لشركة الأسواق الممتازة الضخمة في كل تونس و المعروفة باسم ب : جيان ومونوبري .
أما ابنته غزوة فقد تزوجت ب سليم رزق الذي استولى على شركة خدمات المطارات، كما أنه أنشأ مصرفا خاصا به ، أما زوجته غزوة بنت علي فقد هيمنت بسرعة على شركة الهاتف النقال أورانج Orange و شركة تزويد خدمات الإنترنت بلانط تونس Planet Tunis و الكل يعلم مدى ربحية مثل هذه الشركات.
العصابة الثالثة والكبرى/عصابة ليلى الطرابلسي و عائلتها.
هذه العصابة هي الأخطر و التي ترعى مصالحها ليلى الطرابلسي و يترأسها و يدير عملياتها أخوها بلحسن الطرابلسي السيئ الذكر، و الذي قد خبر الناس في تونس قسوته و شرهه و عنفه و مما سربت عنه وثائق الويكيليكس أنه يتصرف كرئيس عصابة بالفعل ، و تبلغ به الجرأة أنه يضع مسدسه فوق الطاولة في المطاعم التي يرتادها أو الصالونات التي يجتمع فيها مع أصحابه! و تقول الوثائق أنه لا أحد في مطاعم تونس يجرؤ على تقديم فاتورة الأداء لهذا الطاغية!
و قد بسط نفوذه على الأراضي و العقارات في تونس، و من طرقه المعتادة أنه يقوم بالاستيلاء على الأراضي الغير مرخص للبناء فيها بمراسيم يستصدرها من الجهات المختصة في الدولة، و عندما يستولي عليها بأزهد الأثمان و كثير منها يستولي عليه بدون مقابل و عن طريق الاحتيال و السرقة، يقوم بعد ذلك من خلال علاقاته بالمتنفذين في أجهزة الدولة باستصدار قرارات بالسماح بالبناء في نفس الأرض التي كانت من قبل ممنوعة من البناء،بل تقوم الدولة بتجهيز تلك الأرض و يقوم هو ببيعها بأثمان خيالية!! و هو نفس الأسلوب التي كانت تنتهجه زوجة الرئيس نفسها فقد نشرت الصحف الأمريكية كيف أن الدولة قامت بتسليم شريط أراضي عالية القيمة في قرطاج إلى ليلى زوجة الرئيس بدون مقابل من أجل أن تقيم عليها المدرسة الدولية لقرطاج ذات المواصفات العليا، لكنها قامت ببيعها لشركة بلجيكية بثمن خيالي احتفظت به كله لنفسها.
بلحسن أخوها إستولى أيضا على شركة الطيران التونسية و خصخصها لنفسه و سماها: كارطاج إيرلاينز ، كما استولى على شركة الاتصالات، و شركة تجميع الشاحنات و السيارات و الجرارات،كما استولى على رخص استيراد سيارات فورد، رينج روفر وجاغوار وهيونداي)،وشركات إعلامية، وشركات سياحية ثم شركة إنتاج تلفزيوني ( موزاييك إف. إم. كاكتيس تي. في.)، وضع يده فيما بعد على بنك تونس حيث وضع على رأسه زوجة المستشار و "الروح المضطربة" للرئيس بن علي، ويدعى عبد الوهاب عبد الله. تزوج من إحدى بنات الهادي الجيلاني، رئيس أصحاب الأعمال التونسيون، والذي قام بدوره بترتيب تزويج إحدى بناته للسيد سفيان بن علي، بن المنصف شقيق زين العابدين الراحل. و هكذا طالت يد هذه العصابة كل مناحي الحياة الاقتصادية للتونسيين فيصعب أن تجد شركة ذات أهمية في تونس دون أن يكون لأحد أفراد هذه العصابات يد فيها!
شبكة فساد ممتدة
"منصف آخر"، شقيق ليلى طرابلسي، اصطنع ثروة بالغة في قطاع البناء
بعض من ذرية "طرابلسي" يصنفون فعليا بقائمة المجرمين العتاة بنظر القانون، فبتدبير من "معز" و"عماد" – (الذي قتل من قبل أحد حراسه بعد هروب بن علي) وهما من أبناء إخوة "السيدة الأولى" تم الاستيلاء على يخت فاخر تعود ملكيته لمصرفي فرنسي شهير (برونو روجيه) في ميناء بونيفاسيو، عماد استحوذ على شركة بريكوراما وشبكة توزيع المشروبات الكحولية، مراد طرابلسي كان نصيبه احتكار صيد سمك التونة، أما نجاة طرابلسي الممرضة وابنة عم ليلي فقد أصبحت مديرة مستشفى خير الدين في تونس، والدة السيدة الأولى "حاجة نانا" كانت ترعى مصالح الأسرة، وفاتها حدثت خلال زيارة الرئيس ساركوزي سنة 2008 وهو ما يفسر تغيبه عن الاحتفالات الرسمية التي أقيمت على شرفه.
تنيـــن صــاعــد
في الفترة الأخيرة قامت ليلى الطرابلسي برعاية تنين آخر ينطلق من قصر قرطاج! و الذي أرادت له أن يصبح قارون تونس بحق، بعد أن حولت كثيرا من أفراد أسرتها إلى فراعنة. و هو صخر الماطري إبن أحد الجنرالات الذين سبق أن حاول الإطاحة ببورقيبة و لم يفلح، قربه زين العابدين بن علي فتزوج من إبنته من ليلى الطرابلسي، و هي نسرين بن علي. صخر الماطري هذا كان صعوده صاعقا بكل ما في الكلمة من معنى، فما هي إلا أن تزوج إبنة الرئيس حتى تم تدبير مقعد له في البرلمان التونسي الصوري، و بعد فترة وجيزة أصبحت ثروته تفوق ثروة بلحسن الطرابلسي! الذي أمضى سنوات في نهبها! حيث أصبحت له شركة قابضة Holding تعمل في طول البلاد و عرضها، و قد قال السفير الأمريكي أنه إلتقاه في إحدى القصور، فلاحظ وجود قفص به أسد يطعم 4 دجاجات في اليوم! و قد كان صخر الماطري ميالا إلى تأميم الدين بحيث يشيع أنه متدين تدينا صوفيا، و قد أنشأ لنفسه مصرفا إسلاميا يستقطب به أموال التونسيين. كما قام بإنشاء إذاعة الزيتونة للقرآن الكريم للتمويه على نشاطاته الأخطبوطية.
و من أشهر أعمال السرقة المباشرة التي قامت بها ليلى بن علي، تلك التي طالت السيدة سهى عرفات التي دخلت معها في صفقة لبناء مؤسسات تعليمية خاصة مثل الثانوية الدولية، فاحتالت عليها ليلى و أخذت كل شيء فما وسع سهى عرفات إلا الهرب من تونس قبل أن تلفق لها تهمة ما فتجد نفسها في السجن، لكن السلطات التونسية و بأمر من ليلى الطرابلسي قامت بتجريدها من 2.5 مليون أوروا كانت بحوزتها ثم تجريدها من جواز السفر التونسي و طردها خارج البلاد. و قد جاء في وثائق الويكيليكس أن سهى عرفات أخبرت السفير الأمريكي بذلك، و أن كل ما حدث لها كان بأمر مباشر من ليلى الطرابلسي.
و هكذا تحولت ليلى الطرابلسي التي عاشت في أحضان الفقر بين 11 من إخوتها إلى ما يشبه إمبراطورة تنصب من تشاء في الدولة التونسية و تعزل من تشاء، و تنكل بمن تشاء، و تغدق من أموال الشعب التونسي على من تشاء من إخوانها و أفراد عصابتها، و قد تحول زوجها إلى مجرد طرطور أو فزاعة في مزرعة تونس، و مجرد حصان جامح تركبه لبلوغ مراميها و إشباع نهمها و شرهها. و قد حالت الثورة التونسية دون وصول مرماها الأخير الذي- على مايبدو كان هو الترشح لرئاسة الدولة التونسية بعد أن يتم إقصاء بن علي و حشره في زاوية ينهشه سرطان المثانة كما يشاع، و قد تحول بن علي في السنوات الأخيرة إلى مجرد سياط في يد حاكمة قرطاج الحقيقية. و نعل في قدمها ترفس به من تشاء، و لكن العبرة بالخواتم دائما، فمن صار إلى رضوان الله و أسدى الخير لشعبه، ليس كمن باء بسخط الله و زج به في مزبلة التاريخ في صخب من لعنه.
"كَمْ تَرَكُوا مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (25)وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (26) وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ (27)كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْماً آخَرِينَ (28) فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاء وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ (29) "
فبراير 11th, 2011 at 9:31 م
منير
يونيو 28th, 2011 at 11:58 م
يونيو 29th, 2011 at 12:06 ص