الأربعاء، 27 مارس 2013

لعنة دعم القذافي تطارد النظام السوري / أحمد الرواس


بشار الأسد على درب القذافي لم يلبث النظام الشمولي السوري بعد تكشف أخبار دعمه لنظام القمع في ليبيا إلا قليلا حتى تلاحقت الأحداث في سوريا سريعا، و خرجت المظاهرات السلمية في جميع أنحاء البلاد، بعد صلاة الجمعة وخرج الناس في مسيرات سلمية يهتفون ضد الفساد و القمع، و التسلط، و الأثرة فقامت أجهزة الشرطة و العسكر السوري بقمع المتظاهرين، وقام أعوان النظام البعثي المتخفين في اللباس المدني باعتقال العشرات من المتظاهرين السلميين، و ظهر ذلك واضحا حتى داخل المسجد الأموي ، و قام أعوان النظام بغلق باب المسجد على المصلين في محاولة للسيطرة عليهم. أما في أماكن أخرى فقد كان بطش نظام الأسد أشد فتكا ، فقد قامت القوات السورية بتطويق مدينة درعا جنوب البلاد من كل الجهات على طريقة القذافي و أبنائه، و قامت أجهزة أمن النظام بإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين السلميين فقتلت منهم 5 شهداء و جرحت عشرات آخرين و اعتقلت عددا كبيرا من المعتصمين، و من بين من تم اعتقالهم  سهير جمال الأتاسي, وناهد بدوية, وليلى اللبواني, وصبا حسن, وكمال شيخو, وعمار اللبواني, وعادل حلاوة البني وذوقان نوفل. و آخرين…و في اليوم التالي قام أهالي بلدة درعا بتشييع الشهداء فكانت الأجهزة القمعية السورية لهم بالمرصاد، حيث منعتهم حتى من إقامة مجالس العزاء في المسجد و أمطرتهم بوابل من قنابل الدخان و الرصاص مما أدى إلى قتل مواطن سوري و جرح كثيرين و اليوم الأحد 20مارس قام النظام السوري بأعمال قمعية أخرى في نفس المدينة فأدت إلى استشهاد مواطن سوري آخر وجرح عدد آخر، كما تم اعتقال كثير من المتظاهرين أغلبهم طلبة. و من بين شعارات المتظاهرين كانت: لا إيران لا حزب الله بس مسلم بخاف الله.و خلال هذه الأحداث يتواصل الدعم الإيراني للنظام الطائفي السوري و مده بكل أنواع الأسلحة لقمع المتظاهرين فقد أرغمت القوات الجوية التركية طائرة إيرانية على النزول في مطار ديار بكر فوجدت الطائرة الإيرانية محملة بالبنادق و القذائفللنظام السوري . و قد هددت قبائل درعا النظام السوري بالعصيان المدني إن لم يبادر إلى فك الحصار عن المدينة التي يحاصرها النظام بدباباته و يرهب أهلها بكثرة الطلعات الجوية بالمروحيات، كما طالب أهالي المعتقلين بإطلاق سراح أبنائهم من الطلبة…



و من قبل قامت مجموعة من المعتصمين بالتظاهر خارج وزارة الداخلية السورية مطالبين الوزير بإطلاق سراح المعتقلين من أبنائهم و كذلك إطلاق آلاف السجناء السياسيين فأجابهم وزير الداخلية السوري عيد سمور بمزيد من الاعتقالات و استعمال العنف. مع أن كل التظاهرات كانت سلمية و تطالب بمنحهم الحرية في التعبير و إطلاق السجناء السياسيين.و رفع  قانون الطوارئ الذي يحكم البلاد منذ ثلث قرن.
و في هذه الأثناء التي أكتب فيها هذا المقال تردني أخبار أن قوات الأمن السورية ترتكب مجزرة ضد المعتصمين في المسجد العمري بمدينة درعا، حيث داهمتهم قبيل صلاة الفجر و قتلت في إحصاء أولي 5 شهداء وجرحت العشرات الآخرين، بالرغم من أن المعتصمين لا يطالبون إلا بمطالب حقوقية  و معيشية بسيطة.
إن بشار الأسد أمام مفترق طرق الآن فإما أن يفتح عينيه على الواقع و يتفاعل معه بشكل إيجابي، مستدعيا ما تعلمه من ثقافة و تعرف عليه من سنن تاريخية و حضارية ، أو أن يتنكب لكل تحليل منطقي و مقاربة علمية و أخلاقية لما يجري و يستدعي بدل ذلك بعض الأعراف التسلطية و الاستبدادية و التوق إلى لحظة النصر المزيف على تطلعات الشعب بعد القمع و التقتيل و دماء  الشعب التي صبغت تاريخ سوريا الحديث ، بشار يملك اليوم فرصة الظهور بالمظهر الحضاري المستجيب لمطالب الشعب السوري التواق إلى الحرية و العدل الذين طال غيابهما عن أرض الشام ، أو أن يوغل في العتو و الاستبداد منكفئا نحو آليات القتل و القمع في أجهزته الأمنية و العسكرية و معتمدا على أصنام حزب البحث الجامدة في مكانها منذ نصف قرن ممن تهالكت أطروحاتهم الشمولية، و لفظهم الزمان في الأرض كلها ،كما كان يفعل  الهالكك حافظ الأسد.
أمام بشار الأسد مجموعة إصلاحاحت جذرية شاملة لاجتياز هذه العاصفة التي تعصف بكل المستبدين. 
عليه أن يبدل أولا نظرته و فلسفته  للحكم و يدرك في قرارة نفسه أن ميزة الحكم الحقيقة ليست نهب المال تحت فوهة بنادق السلطة الحاكمة ،و ليست الثراء الفاحش للرئيس و حاشيته، و ليست تضخيم سلطة الحاشية وتضخيم ثرائها الديناصوري من أموال الشعب، فإن المال و ما ينتج عنه من متع سريعة الزوال و الاضمحلال، و التاريخ لا يقيم وزنا للثراء المنحرف ، فكم من محتال فاحش الثراء ألقى به التاريخ في مزبلته، و باء بلعن الاعنين!
وليست ميزة الحكم  في التسلط و احتكار القمع فهولاكو و هتلر و موسيليني وستالين  باءو من التاريخ  بأقذر حيز..هو حيز الظلمة و المستبدين وأعداء الإنسانية. و لكن الميزة الحقيقية للحكم هي إقامة العدل و المساواة و الرحمة بين الناس. و الرقي بالبلد إلى مستويات أعلى من  التقدم و الرفاهية،و التفوق العلمي، و هذا لا يتأتى إلا برفع المظالم عن الناس و إنهاء حالة القهر و التعسف المسيطرة عليهم، فما لم يستنشق الشعب نسائم  الحرية و يتملى بعبيقها، و ما لم يستشعر حلول العدالة في ربوعه ويرفل في أحضانها، فلن ينطلق هذا الشعب نحو الإبداع، و لن يتعبأ لخوض معركة التنمية، و لن يستنفر طاقاته سعيا لتقدم البلد. فالشعب الذي يسكنه الخوف من الظلم، و تساوره هواجس المعتقلات و أقبية التعذيب يتحول إلى شعب خامل منطوي لا يحسن غير الهتاف باسم الرئيس أو أبناء الرئيس و حاشية الرئيس إتقاء لهواجس الأخطار المهددة، الحقيقية منها و الوهمية. فكم من مستبد تحول الشعب في يده إلى طوابير من الكسالى و فاقدي الإرادة، و تعلق أفراده بأحلام الهجرة خارج الوطن كطوق أمان من معاناتهم . و هنا نذكر أن شعب سوريا من أكثر الشعوب هجرة نحو الخارج فقد جاء في إحصاء  المنظمة العالمية للهجرة حسب موقع:http://www.swissinfo.ch أن عدد المهاجرين السوريين بمن فيهم الحاصلين على جنسيات الدول الأخرى يصل إلى 20 مليونا! أي أكثر من سوريي الداخل!!و هناك مآت الآلاف من السوريين محرومون من زيارة  وطنهم منذ عشرات السنين خوفا من بطش النظام الذي تمتلأ ملفات أجهزة مخابراته  القمعية العتيقة بأسمائهم و أسماء آبائهم و أمهاتهم و صنف أجنتهم!
على الرئيس الشاب بشار الأسد أن يدرك أن زمان الأنظمة الشمولية التي يميزها التسلط في طريقها إلى الزوال، و ما مثال تونس و مصر عنك ببعيدة، زمانا ولا مكانا، و عليك أن تدرك أن الزمان الذي كان المستبدون فيه يسحقون شعوبهم و يبيدون أعدادا مخيفة منهم تحت جنازرد باباتهم ، ثم لا يعرف العالم عن ذلك إلا بعد حين من الدهر قد و لى لغير رجعة ، فما عاد ممكنا إخفاء الحقيقة طويلا، فكل أفراد الشعب أصبح يملك في يده أداة توثيق الجرائم صوتا و صورة، و مهما حاول المستبدون أن يخفوا الحقائق فستظهر أمام العالم و يكتشف الجميع فظاعتها و تستنهض هممهم لإيقافها، و هذه ليبيا التي يعيث الطاغية القذافي فيها فسادا و قتلا  و تنكيلا بشعبه الأعزل، يعرف العالم ما يحدث في كل مدينة و بلدة فيها يوما ببيوم بل وساعة بساعة..رغم طرد الطاغية للصحفيين الأحرار و اختطاف آخرين و التحريض عليهم و قتلهم، و رغم توقيفه لكل وسائل الاتصال في الداخل و الخارج .
لقد تغير الواقع كثيرا فما عاد في إمكانك يابشار أن تقوم بمثل ما قام به والدك من قتل ل30 ألف شهيد و شهيدة في مجزرة حماة. و تدمير السجون على من فيها، إن العالم أصبح يراقب و صور الظلم  و القتل أصبحت تنتقل لجهات الأرض الأربع دون حواجز.. و ها هو القذافي و أبناؤه من الجزارين الذين اتهموا الشعب الليبي بأنه مجموعة من الجرذان هم الذين  يختبئون اليوم كالجرذان تحت الأرض في أنفاق و دهاليز و جحور صحراوية سواء تحت أرض طرابلس أو سبها أو سرت ، و لا يستطيعون لجبنهم الشديد أن يظهروا أمام الملأ بين من  يزعمون أنهم يهيمون بهم حبا و مستعدون لفدائهم بأرواحهم إلا لحظات خاطفة ثم يختبئون!!!. و ها هم اليوم يستجدون إيقاف الهجمات على فلول مرتزقتهم بعد أن سويت كل دفاعاتهم الجوية و مراكز قيادتهم بالأرض، و بعثرت آلياتهم  في ظرف ساعات معدودات!.إن في ذلك لعبرة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا من الشعب.
عليك أن تنهي الحكم الطائفي المقيت الذي يستأسد على الغالبية الغالبة من أهل السنة منذ أكثر من نصف قرن، دع الشعب يختار من يمثله و من يحكمه،  فسوريا ليست متاعا لآل الأسد و لطائفته النصيرية  حتى تستأثر بحكم  سوريا طيلة جيلين من الزمان. فقد رأيت كيف أن إراقة دماء الأبرياء تتحول إلى وقود تضرم ناره في سرابيل أنظمة الطغيان و حواشيها، عليك أن تتنبه إلى حقيقة بدت معالمها تتبين اليوم أكثر فأكثر، و هي أنه نظرا لبعض الأحداث التاريخية  و الملاحم المفزعة التي شهدناها في السنوات الأخيرة على الخارطة الإسلامية مثل حرب العراق و أفغانستان و حرب غزة و لبنان ورؤية مشاهد الاستبسال البطولي عند النساء و الأطفال و الشيوخ و عدم الاكتراث بالمجازر الفظيعة التي ارتكبت، فقد أوجدت هذه المجازر حالة من الصمود الأسطوري في وجه العتاة، فكلما زاد سفك الدماء و زاد عدد القتلى من الأبرياء كلما زادت نار الثورة استعاراو أورا.
و أقرب مثال لنا هو ما فعله مستبد اليمن فقد أحدقت به دماء شهداء يوم الجمعة 18 مارس الماضي، و يوشك أن تودي به إلى مزبلة التاريخ. و الشعب بدل أن يرهب الحاكم و يهاب من الخروج للاحتجاج- كما سولت لعلي صالح نفسه- فإن المترددين قد انضموا إلى الثوار و المحتجين و ملأوا كل الساحات و الشوارع ، و دبت في جوانب النظام سلسة استقالات كما تدب الحرائق في يوم عاصف، حتى يكاد النظام يصبح منعزلا وحده و بنيه كما القذافي .إن التاريخ يتقدم بدوالب من سنن الله و نوامسه، تسحق كل من يحاول اعتراضها. فهل يعي بشار الدرس و يحقن دماء الأبرياء من السوريين الأحرارمن المحتجين ؟؟ نأمل ذلك.

، في 23 مارس 2011  


تعليق واحد على “لعنة دعم القذافي تطارد النظام السوري / أحمد الرواس”
  1. تابعت الان الأحداث في درعا ، محزن مؤسف !! وانت يا سيدي الكريم تقول يفتح عينيه على الواقع و يتفاعل معه بشكل إيجابي ، وأنا أقول لك لا لن يفتح عينيه لانه لا يريد أن يرى
    والدليل أن من يقود العمليات ضد المتظاهرين هو شقيقه ماهر الأسد
    وهاهو التاريخ يعيد نفسه فهذا ماهر يكرر سيناريو عمه اللعين رفعت الأسد ويعيد المشهد ولكن في مكان آخر بدلا من حماه اصبحت في درعا

0 التعليقات:

إرسال تعليق