الثلاثاء، 26 مارس 2013

من اغتال الحريري ولماذا؟/أحمد الرواس



 منذ وقوع الاغتيال الأثيم الذي ذهب ضحيته كثير من الأبرياء إلى جانب الشهيد رفيق الحريري  حامت الشكوك حول حزب الله الشيعي ، و لكن   الغالبية من الملاحظين رجحوا أن يكون النظام السوري وراء تلك العملية القذرة، و جاءت التحقيقات الأولى للمحققين الدوليين لتلقي بالشكوك على المخابرات السورية،و بعض الضباط اللبنانيين، و صدق الكثير من الناس احتمال أن يكون النظام السوري وراء هذه العملية الدموية البشعة لما كان هناك من خلافات واضحة بين المرحوم رفيق الحريري و بشار الأسد و صلت إلى حد التهديد المبطن من طرف النظام السوري للحريري، لكن و بعد سنوات من التحقيقات ، واستدعاء بعض الضباط اللبنانيين المشتبه فيهم ، ووضع الأسافين في طريق المحكمة الدولية من طرف حزب الله كشفت المجلة الألمانية دير شبيجيل الذائعة الصيت في شهر ماي 2009  أن حزب الله اللبناني هو الذي خطط و نفذ لتلك المجزرة مستخدما بعض عناصره العاملة ضمن الميليشيا المسلحة. لكن المسؤولين عن المحكمة لم يؤكدوا ما نشرته المجلة الألمانية ، و فضلوا متابعة البحث الذي كلف عشرات الملاين من الدولارات تدفع الأمم المتحدة 51% منها بينما تتكلف الحكومة اللبنانية بنسبة49% الباقية .و من قرأ تقرير المجلة يذهل للتفاصيل التي أوردتها عن عناصر الحزب الذين تورطوا في الجريمة ، و الخطة الشيطانية التي بيتوها في الخفاء حيث كشف النقاب عن حوالي 8 هواتف بدأت العمل في فترة واحدة و كانت كثيرا ما تحوم حول موقع الجريمة و هي التي اعتبرها التحقيق حلقة الجحيم الأولى ، ثم كشف النقاب عن 20 هاتف جوال أخرى كانت تتصل بتلك الثمانية ثم تواجدها في نفس المكان مرارا ، و تتبادل الأدوار، ووفقا ً لقوات الأمن اللبنانية، فإن جميع تلك الأرقام التي دخلت دائرة الاشتباه تنتمي على ما يبدو إلى "الذراع العملياتي" لحزب الله، الذي يمتلك ميليشيات مسلحة في لبنان تفوق في القوة الجيش اللبناني النظامي.
و تم الكشف عن مكان شراء كل تلك الهواتف في مدينة طرابلس و اقتصر استعمالها في التنسيق فيما بين أصحاب الهواتف الأخرى ، كما أنها جميعا تختفي مباشرة بعد  تنفيذ الجريمة النكراء!
و قد قام عضو في حزب الله و يدعى  غملوش بتصرف طائش حيث اتصل بصديقته هاتفيا على خط ساخن ، هذا الشخص اختفى ويرجح أن لا يكون قد بقي على قيد الحياة ، هذا التصرف اقتاد المحققين للرجل الذين يشتبهون الآن في أنه العقل المدبر للهجوم الإرهابي: حيث كشفت المجلة عن أن هذا الشخص يدعى حاج سالم، 45 عاما، وهو من مدينة النبطية الجنوبية، ويعتبر سالم قائد الجناح العسكري لحزب الله وهو يعيش الآن في الضاحية الجنوبية لبيروت التي تعد أحد المعاقل الشيعية. كما أن "الوحدة العملياتية السرية الخاصة بسالم" تقدم تقاريرها مباشرةً إلى الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله. وأشارت المجلة إلى أن عماد مغنية هو من كان يقوم بإدارة تلك الوحدة إلى أن تم اغتياله في حادث سيارة مفخخة بدمشق يوم الثاني عشر من شهر فبراير عام 2008.
و اليوم و بعد مرور شهور  عن كشف المجلة الألمانية عن بعض تفاصيل تلك الجريمة تسرب لوكالات الأنباء خبر اعتزام المحكمة الدولية توجيه الاتهام لعناصر من حزب الله بتنفيذ تلك الجريمة، و قد قام حسن نصر الله بخطوة استباقية  يقول فيها بأنه كان على علم مسبق بهذه الخطوة و زعم أن سعد الحريري قد أخبره بذلك !فيما نفى سعد ذلك بشكل قاطع و إنما تحدث لحسن نصر الله عن التداولات الصحفية لتقرير المحكمة المعتزم صدوره، و قال بأن تفاصيل اللقاء مسجلة و محفوظة! ثم عاد مرة  أخرى يرفض اتهام الحزب و أرسل تهديدا مبطنا للحكومة اللبنانية في حالة ما إذا تم اتهام حزبه بشكل واضح، و قال بأن الحزب لن يقف مكتوف الأيدي أمام محاولة إسرائيل منعه من المقامة في سلوك مفضوح لخلط الحابل بالنابل!
و اليوم فقط نعرف لماذا استمات حزب الله في وضع العراقيل أمام سير التحقيق الذي تقوم به المحكمة الدولية، لأنه يعرف مسبقا أن أي  تحقيق نزيه سينتهي بكشف أوراقه و بفضيحته أمام العالم.
و نعرف لماذا استشاط حسن نصر الله غضبا عندما أيقن أن المحكمة سوف تتهم أفرادا من الحزب و هدد بأنه لن يبق مكتوف الأيدي !و لا يقبل باتهام نصف عضو في الحزب!!
إن هذه الجريمة تؤكد مرة أخرى خطورة هذا الحزب الطائفي المسلح و التابع لإيران ولائيا و أيديلوجيا، و الذي طالما ادعى أن سلاحه ليس موجها للداخل اللبناني ، و أثبتت أحداث بيروت الأخيرة و قتل أفراد حزبه عشرات الأبرياء زيف هذه المقولة.
و لا يعرف أحد سببا يمكن أن يدفع أية منظمة طائشة أن تغتال شخصية مسالمة ناشطة في الخير و التعمير و الإصلاح بين الناس، و تعميم الخير على كل اللبنانيين مثل شخصية رفيق الحريري  إلا الحقد الطائفي الأعمى الذي ما يزال بعض الروافض للأسف يغوصون في ظلماته، و يتخبطون في أحشائه.
 و لا حل يبدوا في الأفق إلا أن  يتنازل هذا الحزب الطائفي عن سلاحه و يندمج في القوات اللبنانية ،أو يسمح لأهل السنة بالتسلح والانخراط في المقاومة بدل مطاردتهم من الحدود مع فلسطين و مصادرة حق المقاومة، حتى يكون هناك توازن في لبنان، و لا يبقى أهل السنة يعيشون تحت نير التهديد الطائفي. فالمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين فكيف بعشر مرات!

في 31 يوليو 2010 

0 التعليقات:

إرسال تعليق