أثارت الزيارة الأخير لأحمد نجاد للبنان ردود أفعال مختلفة، و ما كانت مثل هذه الزيارة أن تثير حفيظة البعض لو أن أحمدي نجاد كان رئيسا عاديا لبلد عادي ، و لكن لأنه رئيس إيران الجمهورية الإسلامية التي أثبتت التجربة التي استمرت لأكثر من 3 عقود أن لها ثوابت ثلاثة
نشر التشيع الصفوي في العالم العربي والإسلامي
العمل على توسيع نفوذها السياسي فيما حولها من الدول
استغلال الشعارات الدينية من أجل مصلحتها الفارسية و القومية . ما عدا هذه الثوابت الثلاث فإن إيران لا يهمها من أمر العرب و لا أمر المسلمين شيء.
عندما نجحت ثورة إيران استبشر المسلمون الذين هم في غالبيتهم الساحقة سنة استبشروا خيرا، و ظنوا أن عهد الانفتاح التاريخي الكبير بين السنة والشيعة قد أذن بالظهور، و أن موجة عارمة من الإصلاح الديني قد بدأ في المذهب الإثنى عشري! و أن إيران سوف تقوم بتطليق أساطيرها المتراكمة عبر الأحقاب و تسعى للتفاهم مع محيطها الإسلامي، لكن تمر السنوات تلو السنوات دون أن يحدث من ذلك شيء. فلقد استحوذ ملالي إيران على الحكم، و أطلقوا العنان لنشر غسيلهم الفكري الأسطوري المليء بالأحقاد على كبار أصحاب الرسول في العالم الإسلامي، وتبين لأكثر علماء أهل السنة انفتاحا و تساهلا مع خرافات الشيعة أن دعوات التقريب بين المذاهب التي تتزعمها إيران ليست إلا خداعا يراد منه فتح أبواب العالم الإسلامي لنشر التشيع الصفوي المغالي.و تبين لهم أن إيران عقمت أن توجد أناسا متنورين يدعون إلى إصلاح الفكر الإثنى عشري المثقل بالأساطير و الأحقاد صد خيرة أصحاب النبي، و عندما بدأت الحرب في العراق تبين لكل ذي عينين وبصيرة أن إيران تهمها المصلحة الطائفية، والتمكين لأصحاب مذهبها فقط،و تحدث المذابح المرعبة في العراق ضد أهل السنة ، و يهجرون بمآت الآلاف على يد الميليشيات الشيعة المدعومة من الحرس الثوري كقوات بدر، و جيش المهدي و غيرها من الميلشيات الفرعية، دون أن تحرك إيران ساكنا رغم تدخل كثير من علماء السنة الذين كانوا يجارون إيران في دعواتها الدعائية لما يسمى بالوحدة الإسلامية بين السنة و الشيعة. و يتبين لأهل السنة الداعين إلى الوحدة مع إيران أن كل ذلك كان من إيران خداعا في خداع، و أن إيران التي نظمت عدة مؤتمرات لما يسمى بالتقريب بين السنة والشيعة لم تستطع أن تتنازل حتى عن تقديس أبي لؤلؤة المجوسي الذي يكاد يعبد من دون الله في إيران بمدينة كاشان.
زيارة أحمد نجاد للبنان هي عبارة عن حملة دعائية أخرى في سلسلة الخداع التي تعتمد عليها إيران في سياساتها الخارجية مع الغالبية العظمى من المسلمين من السنة. و الذين بحت حناجرهم بهتافات الترحيب و التأييد الدهمائي و
الغوغائي للرئيس الإيراني يذكروننا بهتافات العرب و هيامهم بخطب جمال عبد الناصر الذي قاد العرب إلى أنكر هزيمة في تاريخهم الحديث.و ما يزال العرب يؤدون الثمن الباهظ لتلك الهتافات الغوغائية.و يذكرنا أيضا بهتافات بعض القوميين العرب لصدام حسين عندما احتل الكويت، فقاد الأمة إلى ثاني أنكر هزيمة في التاريخ الحديث للعرب ، و من قبل هتف المخدوعون بإيران و المتشيعون الجدد بأسماء الأئمة و المراجع مثل السيستاني و باقر الحكيم و أخيه عبد العزيز الحكيم، و باقر العلوم الذين رباهم الخميني على عينه واحتضنتهم إيران حتى قوي عودهم و تماسك فيما كان يسمى بالمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق، و إذا بهم يتواطئون سرا وجهرا مع أمريكا التي كانوا يخدعون مقلديهم العميان بالدوس على رايتها في شوارع طهران في مناسبات احتفالية ، و يسلمون لها العراق و شعبه المنهوك على طبق من ذهب،و صعق المخدوعون و هم يرون كبار مراجع الشيعة ينسقون مع المخابرات الأمريكية و البريطانية من أجل احتلال العراق، و عاد أحد أبناء الخوئي من لندن بأموال طائلة يريد أن يؤلف بها قلوب بعض مراجع الشيعة الذين لم يقتنعوا بحصتهم في الكعك الموزع، فكان نصيبه القتل بسرعة في النجف. و انتقل بعض مراجع الشيعة من يافطات الموت لأمريكا التي خدعوا بها كثيرا من المستحمرين إلى الاجتماع بدهاقنة السياسات الصهيونية، وأعداء الإسلام الصرحاء مثل هنري كيسينجر السيء الذكر. كما فعل المرجع الشيعي عبد العزيزالحكيم ، الذي تصفه المخابرات الأمريكية بأنه كان the key ally أوالحليف الأساسي في العراق.
وتنكر حزب الله لكل وعوده بعدم استعمال السلاح في الداخل و قام بخطوات غاية في التحدي و الاستفزاز، عندما قام بإنزال مسلح في المطار،و طوقه بعشرات من عناصره المسلحين عندما عاد اللواء جميل السيد، وقام عدد من مسؤولي الحزب باستقبال جميل السيد استقبال الأبطال! فقام الأخير -مستقويا بالحليف الجديد حزب الله بإرسال تهديدات صريحة لرئيس الوزراء الحريري بأنه إن لم يعطه حقه فسوف يأخذ هو حقه بيده! و طبعا يقصد بأيدي ميلشيا حزب الله ، و إلا فهو كشخص لم يعرف له أنصار طيلة حياته. و هكذا أصبح حزب الله ملجأ لكل متمرد على حكومة لبنان، و حليفا لكل معارض و مشاغب. و قد هدد الحزب على لسان أحد عناصره وهوالنائب حسن فضل الله من " فتنة لم يشهد لبنان لها مثيلا!" إن أصر القضاء اللبناني على استدعاء أو محاكمة جميل السيد في قضية اغتيال رفيق الحريري باعتباره أحد المسؤلين الكبار على جهاز الأمن في بيروت!!
إن حزب الله أخذ يخرج من التقية السياسية التي أتقنها لسنين ،و أخذ يظهر على حقيقته يوما بعد يوم، تماما كما تعرى مراجع الشيعة في العراق. لقد دأب حزب الله على ترنيمته القائلة إن سلاح حزب الله لن يستخدم في الداخل ، لكن الكل علم أن الحزب ألقى بتلك اليافطة المصلحية وراء ظهره، وتنكب لكل وعوده يوم أن احتل بيروت ، فقد رأينا هذا السلاح وسمعنا دويه و ترحمنا على ضحاياه من الأبرياء.و خرج بعض أنصار الحزب يستفزون أهل السنة بسب كبار أصحاب النبي محمد و أصهاره و زوجاته في مظهر من مظاهر الطائفية و الزندقة المقيتة. و يوم تقوم أم الفتن في لبنان لا قدر الله سيعلم الذين لم يتسلحوا من أهل السنة كم ضيعوا من فرص لحماية أرواحهم و ممتلكاتهم، فأغلب المجازر تقع عندما لا يكون هناك سلاح رادع، أنا لا أدعوا إلى الفتنة! و لكني أقول إن تجربة العراق وما حدث هناك من مجازر و مسالخ بشرية مرعبة لأبناء السنة يجب أن يكون عبرة لمن ألقت بهم الأقدار بين قوم يستأسدون بأسلحتهم، و يتنمرون على من لا يملك مدية مطبخ!.لقد أثبتت الأحداث في العراق أن غلاة الشيعة يقتلون على الهوية، فلا يهمهم إن كنت مقاتلا أومسالما، متدينا أو علمانيا فيكفي أن تحملأحد أسماء أصحاب النبي محمد كعمر أوأبي بكر أو عائشة، أو عثمان لتستوجب الإعدام السريع .
و عليه، و في هذه الظروف المنذرة بالشرور، فإن الحكومة اللبنانية برئاسة سعد الحريري تقوم اليوم، وبالتعاون مع بعض الأطراف العربية كالسعودية، بمحاولة تجنيب لبنان ويلات فتنة طائفية مرتقبة دخلت فيها إيران على الخط بقوة. و لو على حساب معرفة الحقيقة في اغتيال الشهيد رفيق الحريري، و 22 ممن قتل معه في عملية اغتيال قذرة ، قام بها أناس لا تعرف الرحمة طريقا إلى قلوبهم ،و هم إلى الهمجية أقرب منهم إلى الإنسانية . وسيظلون يختبئون وراء ضباب التشكيك و التشكيك المضاد ، و الضغط الهائل الذي يمارسه حزب الله ،إلى أن تتجلى الحقيقة ، و لابد للحقيقة أن تتجلى في يوم من الأيام. و تدخل أحمدي نجاد في مسار أعمال المحكمة ، و الجدال الدائر حولها، يعد تدخلا سافرا في شؤون دولة مستقلة. و هذا يؤكد شيئا من أهداف هذه الزيارة.
و مهما امتلك حزب الله من أسلحة، ومهما تلقى من دعم متواصل من إيران ومرجعياتها في قم و في النجف، فإنه لن يستطيع السيطرة الكلية على لبنان، خصوصا مناطق الشمال ذات الأغلبية السنية، كما أن أي تفجير للوضع في لبنان سيفتح الحدود اللبنانية على مصراعيها ويدخل الحزب في صراع مباشرمع الوافدين من خارج لبنان لنصرة إخوانهم، هؤلاء الذين طردوا أعظم و أقوى دولة في العالم من العراق، و أحرقوا الأرض من تحت أقدام جنودها، و أصبحت صورتهم كوابس تحرم جنود الاحتلال الأمريكي من النوم، و دفعت بالآلاف من جنود الاحتلال إلى المصحات العقلية و النفسية لن يصعب عليهم إرباك حسابات حزب الله و إنهاء دوره المستأسد بإيران.و هذه نصيحة لحزب الله ألا يدفع بالأمور إلى الهاوية فإنه سيكون أول الساقطين فيها، فقد أدرك الغرب بأسره أن عهد احتلال أي بلد إسلامي قد ولى ،و أن روح المقاومة عند شباب المسلمين و تكتيكات الصراع المسلح التي باتوا يتقنونها جعلت أمر النجاح في احتلال أي من الأوان العربية و الإسلامية مهمة يستحيل النجاح فيها. لقد وعت أمريكا و بريطانيا الدرس في العراق و تستجدي الحوار اليوم في أفغانستان، فهل يصعب على قيادة حزب الله أن تعي الدرس قبل فوات الأوان!؟ إن الفتنة لو أضرمها الحزب فسوف تحرق الأخضر واليابس، و في هذا الجو الذي زادته زندقة بعض علماء الشيعة بسبهم ولعنهم لأمهات المومنين، هذا الجوالمكهرب و المتأزم بسبب كثرة إذاية غلاة الشيعة لغالبية المسلمين، لو قامت فيه فتنة مذهبية فسيكون الشيعة ضحيته الأولى على المدى الطويل، و هذا ما عبر عنه أحد علماء الشيعة اللبنانيين العقلاء ، هو الشيخ صبحي الطفيلي. فقد حذر مرارا حزب الله من استفزاز الغلبية العظمى من المسلمين من حوله.و لكن يبدوأن حزب الله الذي فقد أي أمل له في الوصول إلى السلطة عبر صناديق الاقتراع، بعد انتكاسته في انتخابات العام الماضي، يريد اليوم أن يدفع في اتجاه الانقلاب، والاستيلاء على الحكم في بيروت دون أن يحسب العواقب التي ستكون بلا شك كارثية، إن الحزب - وكما قال بعض الفاعلين السياسيين في لبنان- يعاني من فائض القوة لديه، فقد تكدست لديه الأسلحة، و في غياب أي مؤشرات صراع حقيقي مع إسرائيل التي باتت تقرأ الوضع اللبناني بدقة استراتيجية، فإن الحزب يريد أن يصرف هذا الفائض بما -يتخيل أن يجني معه ثمارا سياسية ، و استراتيجية. ولكنها مغامرة أقرب إلى الانتحار ، فعلى مسؤولي الحزب أن يوقفوادواعي الفتنة قبل أن تستفحل.
لقد كان لافتا استفراد حزب الله بأحمدي نجاد في الجنوب اللبناني،حيث توجه دون مرافقة الحريري –كما تقتضي الأعراف ، وكان لافتا ذلك البعد الطائفي لهذه الزيارة عندما كان أهل الجنوب وأعضاء حزب الله تنطلق حناجرهم بالهتاف و الصراخ عند كل جملة يقولها أحمد نجاد، فلا يكاد الرجل يلتقط أنفاسه حتى يعقبون عليه بالصراخ الهيامي و التصفيق، فلما ذكر أنه جاء يحمل التحية لسعد الحريري ضج الحاضرون من الشيعة بعدم الرضا و تنكيس أصابعهم و التعبير عن سخطهم بأنكر الأصوات! مما يظهر بجلاء أن الطرف الشيعي قد أنهى تعبئة صفوفه ، و شخص أهدافه في أي فتنة قادمة. و في هذا السياق تندرج دغدغة أحمدي نجاد لعواطف شيعة الجنوب بالحديث لهم عن قرب ظهور المهدي صاحب الزمان، مع علمه -ربما- أن مهدي الشيعة لم يوجد قط، فلقد مات إمامهم 11 دون أن يعقب و دون أن يخلف أولاد، و ذكر أكثر من واحد من كبار مراجع الشيعة الأولون كالطوسي و الكليني أن الحسن العسكري اقتسم إرثه أمه وأخوه لأنه لم يخلف ولدا ، حتى قال الطوسي : يجب أن نفترض له ولد!! و لكن أحمدي نجاد يعلم يقينا أن المتعصبين و المتحمسين لا يقرأون . و من الغريب فعلا أن يصدق بعض الناس أن المهدي قد ولد بالفعل و هو لما يزال مختبئا في سرداب من سراديب سامراء منذ ما يزيد على 1260 سنة حتى الآن!. و لم يخرج لا في الإحتلال الأمريكي لسمراء و العراق و لاظهر في فلسطين لمساعدة الفلسطينيين و لا غير ذلك. أما رمي بعض الحجر في الجنوب على الحدود الفلسطينية، فلا أظن أن الكيان الغاصب الذي يضرب بالقوانين الدولية عرض الحائط،لا أظن أنه يعبأ بها،و مثل هذه الخطوات الرمزية لن تحرر فلسطين كما لن تحررها الخطابات و التهديدات الشفهية التي تجلب للفلسطينيين الويلات دون أن تغير من واقعهم شيئا. فلقد أستثمر الكيان الغاصب التصريحات الإيرانية الجوفاء فاستدرت بها إسرائيل عطف المترددين، و قفزت بها على ملفات المطالبة بمحاكمة مجرمي الحرب من جنرالاتها، إن الذي يقوم بالفعل لا يتكلم كثيرا. و لو كانت إيران جادة في مقاومة الهيمنة الأمريكية على العالم الإسلامي لما سهلت مأمورية أمريكا في احتلال العراق عبر دفع حلفائها إلى التواطؤ التام مع الاحتلال.و لما كانت أول دولة تعترف بالدولة العميلة التي أنشأها الحاكم العسكري الأمريكي في العراق بول بريمر.سبقت بذلك كل الدول العربية و الإسلامية.و لما قدمت المساعدات اللوجستية والمخابراتيه لها في أفغانستان، ولقد قال رئيس مجلس مصلحة النظام بأنه لولا إيران لما استطاعت أمريكا أن تدخل أفغانستان، قال ذلك في خطبة الجمعة في طهران إيران لا يهمها سوى مصلحتها القومية و المذهبية الضيقة ، ومؤيدوها تتخذهم و قودا في محركها للوصول إلى غاياتها القومية و المذهبية. فمتى يستفسق بعض المغفلين ممن لا يتقنون في الحياة غير التصفيق و الهتاف و الصراخ لمن يعلوا صوته أكثر حتى و لو بالباطل و الكذب!؟
0 التعليقات:
إرسال تعليق