عاد شبح الاغتيالات إلى لبنان مرة أخرى بعد محاولات عديدة لاغتيال بعض المسئولين نجح القتلة في اغتيال وسام الحسن بمجرد حضوره من السفر من خارج البلاد، و سبق هذا الاغتيال حملة كبيرة على هذا الرجل قامت بها بعض القنوات المحسوبة على تيار حزب الله، مثل "المنار" و "الميادين"، و "العالم" الإيرانية فيما يمكن تفسيره على أنه تهيئة للجو و الرفع من حدَّة النقمة على هذه الشخصية لتنخفض في المقابل ردة الفعل تجاه اغتياله.
وسام الحسن رجل معروف، وقد أثارت عنه بعض الجهات خصوصا حزب الله و القوى المنضوية تحت حمايته الكثير من التشكيك و التخوين قبل الاغتيال، فللرجل علاقة بملف اغتيال رفيق الحريري، و يعرف كثيرا من الأسرار، فقد اشتغل على ملف التحقيق حول الجهة التي اغتالت الحريري مع الرائد وسام عيد الذي كان سبق واكتشف تورط حزب الله في اغتيال الحريري و 22 من مرافقيه، و المارة الذين كان ذنبهم الوحيد أن تواجدوا قرب مكان الانفجار دون أن يدروا به، وكان وسام عيد قد تلقى تهديدا مباشرا بترك الملف و عدم البوح بأسراره للمحقق الدولي بيلمار، كما أخبرت أسرته بعد اغتياله، و بعث إليه برسالة قوية عندما تم تنفيذ عملية اغتيال لرئيسه المقدم شحادة مساعد مدير فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي في 5/09/2006 بالرميلة 30 كيلومتر جنوب بيروت،و التي ذهب ضحيتها أربعة من حراسه و نجا هو بأعجوبة، و لما لم يأبه لذلك التهديد، و عزم على المضي فيه حتى النهاية رغم إحساسه بدنو أجله كما أخبر عائلته، قام القتلة باغتياله بصورة بشعة مزقته إربا إربا هو وحارسه و 3 من المارة الذين لا ذنب لهم سوى تواجدهم في مكان التفجير. و المفجرون لا يعبئون بأرواح الأبرياء، و غير مستعدين لتجنب قتل الآخرين في سبيل التعجيل بالتخلص من مناوئيهم.
في محاولة منه لإنقاذ أسرته قام وسام الحسن بنقلهم إلى فرنسا بعيدا عن أيدي القتلة، و كان يتردد عليهم بين الحين و الآخر، و قد زاد حنق القتلة على الرجل عندما كشف فصول المؤامرة السورية على أمن لبنان بالتعاون مع حلفائها من حزب الله، و على إثر تلك الفضيحة الغليظة لكل من النظام السوري و حلفائه من حزب الله، تم إلقاء القبض على الوزير السابق ميشيل سماحة متلبسا، وكشف عن دوره المباشر في بعض التفجيرات التي طالت كثيرا من الأبرياء واعتزامه القيام بأعمال إرهابية أخرى في مناطق السنة في الشمال اللبناني و إحداث الفوضى في لبنان و إشغاله بالفتن الداخلية التي لابد أن يستفيد منها حزب الله باعتباره يحتفظ بترسانة أسلحة مخيفة.كل ذلك بأوامر مباشرة من بشار الأسد و تورط بثينة شعبان. كثير من الناس كانوا يتوقعون هذه الخبطة التي جاءت في الأشرفية شرق بيروت عقر دار فريق 14 آذار و أكثر المناطق تحصينا ربما، و في ذلك رسالة واضحة من الجهة التي قامت بالاغتيال، سواء كانت النظام السوري أو حلفاءه من حزب الله أو من إيران مباشرة و الكل أصبح واحدا اليوم فقد ارتبط مصير الثلاثة ببعضهم. فالحزب أصبح اليوم يملك طائرات مراقبة بدون طيار! تستطيع تعقب خطوات من تريد دون أن يعلم هو بذلك، و في ظل توفر كثير من تقنيات المعلومات و التوابع الإلكترونية للإتصالات عن بعد بأسعار زهيدة فإن حزب الله أمسى يزهو بحصوله على هذه الطائرات الصغيرة الحجم من إيران و تجميعها داخل لبنان كما قال حسن نصر الله قبل أيام.و قد حسب بعض البسطاء أن مثل هذه الصناعة تعد فتحا إيرانيا في مجال العلوم العسكرية، و ما علموا أن مثل تلك الطائرات الصغيرة التي لاتزن سوى كيلوجرامات قليلة في وسع أي مهندس مبتدئ أن يصنعها، و لكن أمام ضمور همم حكوماتنا و كسلها انتفخ في المقابل الإعجاب بإيران و حزب الله لدى بعض السذج من الدهماء. و ما دروا أن مثل هاته الطائرات تكون عديمة الفائدة في غياب الارتباط المعلوماتي بشبكة الأقمار الصناعية للتجسس و هو ما تفتقده إيران كما يعلم الجميع.
ما ذا يريد النظام السوري وحلفاؤه المصيريون في إيران و حزب الله في لبنان إذن؟ هل ضيّق الثوار السوريون عليهم الأرض بما رحُبت، و أذهلوهم بحجم التضحيات و قوة العزيمة التي بها يتصفون، فأرادوا التنفيس على ضيقهم بإضرام النار في لبنان تمهيدا لإشعال المنطقة كما توعد ثلاثـتُهم؟
قد يجادل البعض حول الجهة المسئولة عن كل هذه الاغتيالات التي أعقبت اغتيال الحريري، أحد رموز السنة في لبنان، و قد يجد بعض كليلي الهمة والبحث في الدولة العبرية مهربا، فيقولون لك بأن إسرائيل هي من تقوم بمثل هذه الأعمال الوحشية! فإذا ما ذهبت تبتغي توسيع نظرتهم إلى الوقائع و الحقائق البشعة المختبئة وراء بعض الابتسامات المتصنعة و المتوارية تحت بعض العباءات السوداء و البيضاء، و أن وجود شر" إسرائيل"لا يستوجب نفي شرور لآخرين، لم يجدوا حرجا في إلحاقك بقائمة التصنيف الجاهزة تحت إبطهم بأنك صهيوني! أو عميل للصهاينة!! فليس مثل إسرائيل اللعينة مشجبا و مهربا، فكثير من الخبثاء وجدوا في خبث إسرائيل و إجرامها بحق الأبرياء تعويما لخبثهم و جرائمهم، فإذا الصورة مائعة على الأغرار، و إذا التشويش يمسي طاغيا على أجهزة استقبالهم!
لكن لعل التفكير في الأسئلة التالية يقدح في الهمم باعث تفكير و إعادة اعتبار؟
ـ لماذا كان كل الذين تم اغتيالهم من فريق واحد يراه حزب الله و حليفته سوريا أعداء ؟
ـ لماذا عرف عن الذين تم اغتيالهم ـ بعد اغتيال الحريري ـ بالجرأة في معارضة النظام السوري و حزب الله؟ بدءا بجبران تويني وبيير الجميل و وسام عيد و شحادة و أخيرا وسام الحسن؟
ـ لماذا يتم اغتيال المسئولين الأمنيين الذين يكتشفون رأس الخيط في جرائم تحوم الشكوك فيها حول حزب الله و النظام السوري أو كليهما؟
ـ لماذا بادر حزب الله المسيطر على الحكومة إلى رفض إحالة مهمة التحقيق إلى المحكمة الدولية؟
ـ لماذا خرج أنصار حزب الله مبتهجين في الضاحية يوزعون الحلوى على بعضهم فرحا باغتيال وسام الحسن؟
ـ هل من الصدفة أن يتم اغتيال وسام عيد بعد أن كشف تورط حزب الله في اغتيال الحريري و كشف الشبكة الهاتفية السرية التي كانوا يستعملونها و وصل بطريق تتبع تسجيلات بروج الهاتف النقال إلى مقر إدارة عملية الاغتيال و هو الدور التحت أرضي بمستشفى الرسول الأعظم في الضاحية و التابع لحزب الله؟
ـ هل من الصدفة أن يرفض موظفو و موظفات ذلك المستشفى دخول أفراد من هيئة التحقيق في جريمة اغتيال رفيق الحريري و يصطنعوا ضجة كبرى هبَّ لتأجيجها حزب الله بدعوى أن أفراد اللجنة لا يحق لهم الدخول على النساء!و تحمس الغوغاء لذلك و ثارت في أوداجهم الحمية، و ما دروا أنهم كانوا ضحية خداع.
ـ لقد دأب إعلام حزب الله على إثارة غبار التخوين و العمالة لإسرائيل حول كل الشخصيات التي تم اغتيالها، آخرهم وسام الحسن، فهل يعقل أن تبادر إسرائيل إلى اغتيال عملائها و تصفيتهم واحدا بعد الآخر!؟
ـ بعض المخدوعين بحزب الله حجتهم في رد كل الأدلة التي تطفو على السطح هو استبعادهم أن يكون الحزب قد تورط في إراقة دماء الأبرياء بتلك البشاعة التي تمت! لكن اليوم أي مبرر يبقى أمام هؤلاء بعد أن كشف العالم تورط حزب الله و إيران من ورائه في إبادة أعداد مخيفة من الشعب السوري البريء، و تجنيد وسائل إعلامه في الدفاع عن سفاح دمشق و تكذيب كل الحقائق الساطعة عن وحشيته، و إخفاء الجرائم ضد الإنسانية التي يقوم بها في كل المدن و القرى السورية من استعمال القنابل العنقودية في قتل الأفراد و اتباع سياسة تدمير الأحياء على ساكنيهاـ و انتهاج سياسة الإكثار من المذابح المروعة لإرهاب السكان و دفعهم لترك قراهم ومدنهم تماما كما فعلت العصابات الصهيونية زمن النكبة! بل أبشع من ذلك بمآت المرات؟
ـ هل يمكن لحزب كهذا أن يتورع عن القيام بمثل هذه الاغتيالات التي لا تعد شيئا أمام ما يشارك فيه الطاغية بشار في سوريا؟
ـ هل ما يزال هؤلاء الأغرار المخدوعين يصدقون حسن نصر الله و هو الذي قال عن مدينة حمص التي دمر الجيش السوري نصفها وقتل الآلاف من أهلها: ما فيشي بحمص!!!!
إن لبنان مقبل على فتنة كبرى قد أعد لها حزب الله و نظام الطاغية بشار و من ورائهما إيران كل ما أوتوا من قوة و ترسانات أسلحة، وخطط احتلال جهنمية تروم تغيير جغرافية هذا البلد، و تطهير مناطق بأسرها من سكانها الأصليين و إحلال مكانهم قوما آخرين من ميلشيات ذات لون طائفي تابع لها، فهم ينظرون إلى الأمر نظرة مصيرية فإما بشار و نظامه المستبد، و إما الطوفان و تدمير المنطقة بدءا بلبنان ـ الحلقة الأضعف ـ بعد سوريا التي تدمر أغلبها حتى اليوم، و السؤال الملح هو ماذا أعد أهل لبنان الآخرين لاتقاء هذا المصير الشبه محتوم؟ لقد اعتادت إيران و ربيبها حزب الله على سلمية وطوباوية اللبنانيين من أهل الشمال الذين على ما يبدو قد أنست كثيراً منهم وداعة ُالحياة و راحتُها الأخطارَ الداهمة التي تعالت ألسنة لهيبها الحارق في الأفق.
المسلم لا يلدغ من جحر مرتين ، فما بال بعض المغفلين يلدغون من الجحر مرات، و مرات و كل لدغة تزيدهم تخديرا. فهل بقي أمل في رجوعهم إلى وعيهم بعد كل هذه الهزات التي هزت مشاعر الإنسانية جمعاء و هم لم يزالوا سادرين في بلادتهم و غارقين في غيهم يعمهون، و أي غي أكبر من تأييد القتلة والرقص على جراح الأبرياء و الدَّوس على جثامينهم الطاهرة.
أكتوبر 28th, 2012 at 11:14 ص
من يبحث عن الحقيقة عليه أن يكون محايدا أولا ثم أن يضع على الطاولة جميع الاحتمالات والفرضيات.وما دامت الصهاينة أعداء الأمة وخاصة الشق الممانع فيها فلماذا لا يتم اعتبار اسرائيل كفرضية؟!ولماذا لا يتم اعتبار فرنسا كفرضية؟؟
نوفمبر 2nd, 2012 at 4:44 ص
نوفمبر 3rd, 2012 at 12:30 ص
و بالنسبة لتعاطي دول الخليج التقليدي مع الغرب فإنني أشير إلى عامل جديد قد لا يتنبه إليه كثير من الناس و هو أن صفقةتاريخية ما تنعقد سحبها الداكنة في سماء المنطقة ما بين إيران و أمريكا،لأن أمريكا لا تهمها سوى مصالحها و التي أمست مهددة استرانيجيا بسبب “زحف”الربيع العربي الذي يتوجه نحو استعادة السيادة كاملة في جو صاخب من لغط القوى المعادية داخليا و خارجيا، و في تقديري، فإنه يجب ألا يفسر بطؤ مسؤولي دول الربيع العربي في إجراءات استعادة السيادة على أنه ضعف و خذلان بقدر ما هو كياسةفي عبور حقول ألغام مدمرة.
بالنسبة لموضوع الصفقة الأمريكية الإيرانية أدعوك بتواضع إلى قراءة مقال كتبته في هذه المدونة تحت عنوان:
http://ahmedrouas.maktoobblog.com/1493
ما هو الدور الذي يريده الغرب لإيران؟
منطلقا من مقالة كتبها:دافييد أجناتيوس في الواشنطن بوسط عدد 13 أبريل الماضي بعنوان:
For a new order in Iran, look to post-revolutionary France
و شكرا على مرورك
نوفمبر 3rd, 2012 at 1:04 ص
و أنا لم أجزم بأسماءالمتهمين في تلك الجريمة الشنعاء التي طالت الأبرياء كما في كل مرة و لكني كمنطوق العنوان و ضعت مجموعة أسئلة و حيثيات مساعدة و اعتبارات لها وزنها في أية محاكمة، وأنا بمقالي أردت أن أوسع وعي القارئ و أنتشل بعض العقول من البالوعات الجارفة التي تحاول بعض الجهات المفضوحة أن تدفع بها إلى قعرها فتتعطل المدارك و يسهل عليها استحمار بعض العامة والدهماء…فما دام أن الرأي العام العربي و الإسلامي معبأ في الأصل ضد إسرائيل الغاصبة فلم ننسب إليها كل جريمة و سوف لن يعوزنا التصديق، فالكل جاهز للتصديق بأية جريمة تنسب لإسرائيل!!
أماعن حديثك عن دول ” الممانعة” فليت شعري عن أية ممانعة تتحدث و النظام المجرم في سوريا لم يسبق أن أطلق رصاصة واحدة في الجولان، بينما في المقابل لايتوانى عن إبادة شعبه و استهداف الأبرياء في قراهم و ومدنهم و بالأمس فقط قام باستعداف 4 مخابز عند تجمع الجوعى حولها؟
لقد قال مخلوف إبن خال بشار و المتاجر باسمه، و التاهب لجيوب السوريين بأن أمن إسرائيل من أمن سوريا!!و إسرائيل قامت بزيارات مكوكية لكل من روسيا و الاتحاد الأوروبي و أمريكا من أجل السماح لهذا الطاغية بأن يبيد المعارضة لأن نجاحها لن يختلف عن تجاحها في مصر و نونس و سوف تفرز القوى الإسلامية على رأس هرم السلطة مما يعني مشاكل لا حدود لها لإسرائيل التي سيكون عليها ترك الجولان أو مواجهة مقاومة إسلامية حقيقية.
قوى الممانعة عي ما يحاولون منعه من الوصول لسدة الحكم في سوريا.
لك جزيل الشكر