الأربعاء، 3 أبريل 2013

5 بطلان استدلال الشيعة بحديث غدير خم / أحمد الرواس

بعد أن وقفنا في الحلقة الماضية معا على زيف استدلال الشيعة  بما يسمونه بحديث المنزلة  ها نحن نقف معا على تهافت آخر و فذلكة جدالية أخرى سرعان ما سيتبين لكم زيفها .

فمن الأحاديث التي أشبعوها تأويلا و أكثروا من ترديدها و التشبث بها سعيا لدعم نظريتهم في الإمامة ما يسمونه حديث غدير خم.و الجزء المستشهد به في نص الحديث هو قوله صلى الله عليه و سلم : من كنت مولاه فعلي مولاه، فالأمر يدور حول كلمة المولى و معناها،و مدلولها ولقد أوصل بعضهم معانيها إلى 27 معنى و مدلولا هي:
1- الربّ 2- العمّ 3- ابن العمّ 4- الابن 5- ابن الأخت
6- 
المعتِـق 7- المعتَق 8- العبد 9- المالك 10- التابع
11- 
المنعَم عليه 12- الشريك 13- الحليف 14- الصاحب 15- الجار
16- 
النـزيل 17- الصهر 18- القريب 19- المنعِم 20- الفقيد
21- 
الولي 22- الأولى بالشيء 23- السيد غير المالك والمعـتِق 24- المحب
25- 
الناصر 26- المتصرِّف في الأمر 27- المتولي في الأمر.و للمرء العاقل أن يتساءل كيف يختار الله أو رسوله لإعلان وصاية علي و تنصيبه لخلافة الرسول بعده كما يزعم الشيعة لفظة تحتمل كل هذه المعاني و الأضداد دون أن يكون بينها الخليفة أو الحاكم أو و لي للعهد!

العهد لكن الذي يحتكم إلى السياق الذي قيلت فيه هذه الكلمة يرى أنها أبعد ما تكون عما يريدون و يؤولون. ذلك أنه  قد استفاضت الأخبار أن السبب الذي قيلت فيه تلك الكلمة و إصدار الرسول ص لذلك الوصف لعلي هو أن الرسول  كان قد سبق أن بعث بعلي ر لليمن لجلب أموال الزكاة و بينما هم في طريق عودتهم إلى المدينة  طلب بعض الصحابة من علي أن يخولهم استعمال بعض إبل الزكاة بعد أن ظهر العياء و الجَهد على رحالهم و عيرهم فأبا علي ذلك و قال لهم ليس لكم من حق في هذه الأموال أكثر من أي فرد مسلم آخر ، فلما كانوا في منتصف الطريق رغب علي في اللحاق برسول الله بمكة لأداء فريضة الحج و كان قد بلغه كتاب من رسول الله ص بذلك و هو في اليمن ، و لتعذر سوقه لأموال الزكاة إلى مكة خصوصا و أنه كان فيها كثير من الماشية من غنم و ماعز و غيرها فقد ارتآى أن يستخلف على القافلة خالدا و أبي بريدة الأسلمي و أمرهما بالتوجه نحو المدينة، و عندما عاد من حجه و التحق بالقافلة اكتشف أن بعض الإبل قد ركبت و استعملت فعنف خالدا و أبي بريدة و غيرهم ممن استعمل تلك الإبل و أغلظ لهم القول ، فوجدوا في نفوسهم من علي ر و توعدوا أن يشكوه إلى رسول الله، بعض الروايات تقول بأنهم بعثوا من يقوم بتبليغ الشكوى إلى الرسول و هو في طريق عودته و بعض المصادر تقول بأنهم حضروا بأنفسهم. فلما رآى صلى الله عليه و سلم حنقهم على علي ساءه ذلك منهم و أراد أن يعيد الاعتبار لعلي. و لنترك المجال لبعض الأحاديث تحدثنا عما قال الرسول ص :
"ارفعوا ألسنتكم عن علي فإنه خشن في ذات الله غير مداهن في دينه"، أو: "أيها الناس لا تشكو علياً فوالله إنه لأخشن في ذات الله، أو في سبيل الله، من أن يُشكَى" انظر سيرة ابن هشام ج4/ ص 603،( بتحقيق مصطفى السقا وإبراهيم الأبياري وعبد الحفيظ الشلبي، طبع دار ابن كثير. وانظر المستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابوري : ج3 / 145، ح 4656/252، 
وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرّجاه. ) أو "ما لكم ولعلِيّ! علِيٌّ منّي وأنا منه وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي،( أخرج نحوه الترمذي في سننه: 50- كتاب المناقب/ 20- باب مناقب علي بن أبي طالب، ح 3712، (5/632
وقال: قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ لا نَعْرِفُهُ إِلا مِنْ حَدِيثِ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ. وأخرجه الإمام أحمد في مسنده: 4 / ص 437 – 438. وجملة «وأنت ولي كل مؤمن بعدي) أخرجها أيضاً أبو داوود الطيالسي في مسنده: ح 2752، والنسائي في الخصائص العلوية ) أو "من كنت مولاه فعلِيٌّ مولاه"([1]).
و بما أن الكلام و الشكوى  من قسوة علي في المعاملة كانت قد انتشر خبرها بين الصحابة أراد الرسول الحكيم أن يعالج هذا الأمر و يحد من آثاره و يتدارك الأمر قبل أن يتفرق المسلمون إلى قبائلهم و فيهم من كان حديث عهد بالإسلام و ليست له دراية كافية بأصحاب الرسول و لا بأهل بيته فأراد صلى الله عليه و سلم أن يطوق إساءة الفهم تلك و يظهر لهم مكانة علي منه. فخطب تلك الخطبة الشهيرة  و قال: من كنت مولاه فعلي مولاه؟
فعن أبي سعيد الخدري 
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/radia.gif قال:" اشتكى الناس عليا رضوان الله عليه فقام رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فينا خطيبا فسمعته يقول أيها الناس لا تشكوا عليا فوالله إنه لأخشن في ذات الله أو في سبيل الله من أن يشكى" [1]، .
و في حديث آخر لأبي سعيد الخدري تفصيل  أكثر  قال :بعث رسول الله علي بن أبي طالب إلى اليمن قال أبو سعيد: فكنت ممن خرج معه فلما أخذ من إبل الصدقة سألناه أن نركب منها ونريح إبلنا فكنا قد رأينا في إبلنا خللاً فأبى علينا وقال: إنما لكم منها سهم كما للمسلمين ،قال: فلما فرغ علي وانطلق من اليمن راجعاً أمر علينا إنساناً وأسرع هو فأدرك الحج فلما قضى حجته قال له النبي: ارجع إلى أصحابك حتى تقدم عليهم ، قال أبو سعيد: وقد كنا سألنا الذي استخلفه ما كان علي منعنا إياه نفعل فلما جاء عرف في إبل الصدقة أن قد ركبت. رأى أثر المركب فذم الذي أمره ولامه، فقلت: إنا إن شاء الله إن قدمت المدينة لأذكرن لرسول الله ولأخبرنه ما لقينا من الغلظة والتضييق ، قال: فلما قدمنا المدينة غدوت إلى رسول الله أريد أن أفعل ما كنت حلفت عليه فلقيت أبا بكر خارجاً من عند رسول الله فوقف معي ورحب بيّ وسألني وسألته وقال متى قدمت ? قلت : قدمت البارحة فرجع معي إلى رسول الله فدخل فقال: هذا سعد بن مالك بن الشهيد ، قال: ائذن له، فدخلت فحييت رسول الله وجاءني وسلم عليّ وسألني عن نفسي وعن أهلي فأحفى المسألة ، فقلت له: يا رسول الله ، ما لقينا من علي من الغلظه وسوء الصحبة والتضييق ، فانتبذ رسول الله وجعلت أنا أعدد ما لقينا منه حتى إذا كنت في وسط كلامي ضرب رسول الله على فخذي وكنت منه قريباً ثم قال: سعد بن مالك الشهيد ? مه بعض قولك لأخيك علي، فوالله لقد علمت أنه أخشن في سبيل الله . قال: فقلت في نفسي: ثكلتك أمك سعد بن مالك ألا أراني كنت فيما يكره منذ اليوم وما أدري لا جرم والله لا أذكره بسوء أبداً سراً ولا علانية " [2]،
هناك أحاديث  كثيرة من الجمع بينها يحصل تفصيل أكثر لتلك الواقعة، لكن لا بد من التنبيه هنا إلى أن الأخبار تتضارب حول المكان الذي قال فيه رسول الله ص تلك المقالة في حق علي، بعض الأخبار تقول إن ذلك كان في غدير خم بين مكة و المدينة و قبل دخول الرسول و الصحابة إلى المدينة قافلين من مكة، و بعضها تقول بأنه إنما قال ذلك في المدينة بعد أن بلغته الشكوى ضد علي من أكثر من واحد من الذين شاركوا في تلك القافلة. و يحتمل و الله أعلم أن الرسول قد قال ما قال في حق علي في الموضعين معا، تبعا لاحتمال أن تكون الشكوى قد وصلته من البعض و هو في الطريق إلى المدينة كما تدل على ذلك بعض الروايات، ثم عند وصوله إلى المدينة قام من لم يصله خبر تلك الخطبة التي قالها في غدير خم بالشكوى إلى الرسول بمجرد أن دخوله المدينة.و ما حملني على هذا الاحتمال هو ثبوت توصله بالشكوى في المكانين معا.
و الأهم هو أن لتلك الخطبة سياقها التاريخي الذي استوجبها مما يفند دعوى حجيتها في ادعاء الوصاية لعلي بالخلافة، فلو أن الرسول ص كان يقصد تبليغ أمر الله في علي للمسلمين كما يزعم معاندوا الشيعة لما انتظر رسول الله ص حتى تصله الشكوى من بعض الصحابة ليبين لهم أمر الوصية بل لما انتظر حتى تغيَّب عن كثير من المسلمين بخروجه من مكة و عودة العديد منهم إلى قبائلهم بعيدا عن طريق عودة الرسول إلى المدينة خصوصا من توجه منهم شرقا نحو الطائف و اليمن و غيرها من المناطق، ثم لماذا لم يستغل الرسول ص وجوده في مكة ليخبر أهلها و ما أكثرهم بذلك الأمر "الإلهي" في حق علي، و هو الذي كان يلمِّح في خطبة الوداع إلى أنه قد لا يلقى الناس بعد عامهم ذاك؟ و كان يقول :" أيها الناس خذوا عني مناسككم فلعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا"[3]هل يعقل أن يكتم رسول الله هذا الأمر الإلهي عن أهل ثاني أكبر و أهم حاضرة إسلامية و هي مكة موطن نزول الوحي. ثم لماذا لم يخطب بذلك يوم عرفة حيث كل الناس تقف على صعيد واحد؟
أسئلة كثيرة تنهال عليك كالمطر و لا تترك أمام الباحث المنصف من خيار غير استبعاد تلك الدعوى العريضة المديدة بالوصية المزعومة التي يجهد الإثناعشرية في محاولة إبقاء شبحها منتصبا في مخيلة بعض الموهومين. لكن سرعان ما يتهاوى ذلك الشبح و يذوب شمع باطله بسرعة عند إشراق تباشير البراهين و الحجج الدامغة.
و بالعودة إلى منطوق الحديث و تحليله يتبين أن قول الرسول كما في بعض الروايات [4]
: أيها الناس إن الله مولاي و أنا مولى كل مؤمن فمن كنت مولاه فعلي مولاه. فلازم هذا الحديث أن يتسق في معناه و أن نبحث عن معنى يوافق المراتب الثلاثة و لاية الله و رسوله و علي من المومنين.  فلو قلنا المراد ب"علي مولاه" أي حاكمكم و خليفتكم من بعدي، فإن ذلك يقتضي بالضرورة أن يكون المعنى: الله حاكمي أو خليفتي و أنا حاكم  و خليفة كل مسلم و علي حاكمكم خليفتكم و هذا عبث و فيه تناقض كبير، و من التناقض الذي يحتويه أن السياق يقتضي البقاء على  العموم. كيف و لا مخصص لولاية علي، فالرسول لم يقل فعلي ولي من بعدي بل قال فعلي مولاه. فلو كان المراد الحكم للزم أن يكون علي حاكما على المسلمين مع وجود الرسول بين ظهرانيهم، و هذا لم يقل به أحد. فلا يبقى إلا القول أن المولى هنا يجب أن يصرف إلى معنى آخر من المعاني ال27 مثل المحبوب، و النصير و المحب …إلخ
ثم لا بد لي أن أنبه إخواني القراء إلى تزوير مشهور  يعتمده الإثنا عشرية حيث يأتونك بحديث ضعيف، أو فيه وضع بزيادة و تذييل ثم يحيلونك على جزء من ذلك الحديث الوارد في الصحاح.و كثيرا ما وقع العامة البسطاء و الغير متخصصين، في هذه الخديعة فيحتجون عليك بأحاديث فيها تزوير و لا تصح بكامل متنها و يزعمون أنها وردت في البخاري أو في مسلم، و هي في الحقيقة لم يرد من الحديث إلا نصفه أو بعضه !  أما الزيادات فهي إما موضوعة أو ضعيفة على الأقل. و من هذه الأحاديث الحديث الذي نحن بصدد دراسته حيث ألصقوا له ما ليس منه و ما لم ينطق به رسول الله ص حيث أضافوا: اللهم وال من والاه و عاد من عاده، و هي زيادة لم ترد في الصحيح، فهي ليست مما رواه الإمام مسلم، و الطامة الكبرى أنهم يكذبون على الرسول الكذب البواح ثم يتهمون من لم يدون أكاذيبهم و يبرئ ساحة الرسول من أضاليلهم. أقول يتهمونه بالتزوير و النصب لأنه لم يذكروا شيئا من أكاذيبهم فهذا عبد الحسين الموسوي ذلك الآفاك الأثيم الذي لا يتورع عن الكذب على الله و على رسوله يتهم الإمام مسلم بأنه بتر حديث: "من كنت مولاه" مع أن التهمة بالكذب و التدليس و التزوير يجب أن تنصب على من وضع الكذب لا على من أبى إثباته.
و من أساليب التدليس المشهورة لدى القوم أنهم يأتون ببعض الأخبار الواهية و ينسبونها إلى البخاري، موهمين القارئ أو المستمع أنها أخبار وردت في صحيح البخاري و عند التحقيق يتبين أنه أوردها في أحد كتبه الثمانية الأخرى مثل التاريخ الصغير و الأوسط و الكبير أو كتاب الضعفاء أو الأدب المفرد، أو غيرها..
و في الحلقة السادسة من هذه السلسلة العلمية سنقف على مفارقات و تناقضات عديدة  تتعلق بهذا الحديث الذي يراد تزوير مراده الواضح و كل من يتمعن فيها سيدرك فظاعة الاعتساف الذي يلجأ إليه الشيعة الرافضة في استغلالهم لنصوص الشريعة



[1]   رواه أحمد في (المسند) (11835) وفي (فضائل الصحابة) (1161) والطبري في (تاريخه) (2/ 205) والحاكم (4654) وأبو نعيم في (الحلية) (1/ 68) وابن عساكر (42/ 199- 200)
[2]   رواه البيهقي في (دلائل النبوة) (5/ 398) وابن عساكر (42/ 200) ، وقال ابن كثير في (السيرة النبوية) (4/ 205):" وهذا إسناد جيد"

[3]    سنن النسائي (3012) بنحوه.
[4]   إبحث عن أصل الرواية

في 24 أغسطس 2012

0 التعليقات:

إرسال تعليق