الثلاثاء، 2 أبريل 2013

من يشتري خطابات حسن نصر الله بعد اليوم؟ أحمد الرواس

                                                     كساد خطابات حسن نصر الله


قبل سنوات كان حسن نصر الله إذا ألقى خطابا كنت تسمع له دويا و فرقعات في أنحاء شعبية عدة في أرجاء العالم العربي و حتى الإسلامي، و كنت ترى العديد من المهتمين يقفون أمام التلفاز مشدوهين و هم يترنمون بكلمات ما كانوا يسمونه من سيد المقاومة ، و بعضهم كان يطأطئ الرأس ثقة و تصديقا بما يقوله زعيم حزب الله. كان هذا أيام زمان يوم كانت شعبية هذا الخطيب المصقع تضرب أطنابها في تربة الانخداع به و التي كانت منتشرة بشكل رهيب في العالمين العربي و الإسلامي. اليوم لا تكاد تجد واحدا يهتم بخطب هذا الرجل، بل تجد الناس في المقاهي يطالبون بتغيير القناة إذا ما طلع عليهم فيها خطيبا. فسبحان مبدل الأحوال بهذه السرعة ! قام حسن نصر الله بإلقاء خطاب الأسبوع الماضي بمناسبة إحياء ذكرى بعض القتلى من رجاله و التجأ إلى عنترياته المعهودة و تهديداته المعتادة، هذه المرة يقول بأنه يملك قوات احتلال و أنه في  حالة نشوب حرب من طرف إسرائيل على لبنان فإنه سيقوم باحتلال منطقة الجليل ! لكن من بديهيات الاستراتيجيات العسكرية أن من يملك خطة لاحتلال أرض العدو أو حتى استرجاع أرضه من يد العدو لا يمنح خبر هذه الخطة للعدو بالمجان حتى لا يبني خطة مضادة، فعنصر المفاجأة أم مصيري في أية معركة. و السيد نصر الله لا شك يعرف هذا الأمر بصفته رئيسا لتنظيم سري مغلق و هو ا لذي كان يفتخر أنه  لم يسبق أن قدم أية معلومة للكيان الغاصب بدون مقابل، و هذه أول بوادر الشك في المرمى الحقيقي الذي يعنيه حسن نصر الله بهذا الخطاب. اليوم لم يعد هناك الكثير من المنخدعين بحسن نصر الله فليس سرا و لا مجهولا لأحد الانهيار المدوي لشعبيته بين العرب و المسلمين فلقد كان أصلا يعاني من تدهور شعبيته إبان الاحتلال الأمريكي للعراق  فقد كان المخدوعون به يتوقعون من الحزب الذي أسر إعجابهم و تسبب في انبهارهم أن يكون له موقف حازم من عملاء الاستعمار و أعوان الاحتلال من علماء الشيعة و مراجعها و رموزها، و الذين صعقوا الكل بخيانة من العيار الثقيل حيث انقلبوا 180 درجة على سلم  الخيانة فبعد أن كانوا يسوقون  لإسطوانة العداء مع أمريكا و يدوسون على الأعلام الأمريكية في شوارع طهران تفاهموا مع نفس " العدو" و ارتضوا لأنفسهم أن يكونوا مجرد أحذية في أقدام جنوده و هكذا رأينا مراجع مثل الهالك باقر الحكيم و أخيه عبد العزيز الحكيم و عشرات آخرين يدخلون العراق على ظهر دبابات الاحتلال بل و يقوموا بدور قذر في تصفية المقاومة الشريفة ضد الاحتلال . و مع ذلك لم يكن لحزب الله أي دور في فضح هذه الخيانة التاريخية العظمى بل قام حزب الله بتلميع صورة أولئك الخونة و تأبين الهلكى منهم تأبينا غير مسبوق، و لم ينس الناس تلك الخطبة المطرزة بكل أوصاف العظمة و الورع و التقوى التي دبج بها حسن نصر الله حياة بعض كبار الخونة من ملالي الشيعة في العراق. عندها بدأ كثير من الناس يستفيقون على وقع هذا التناقض الصارخ ما بين الأقوال النظرية و الواقع الذي يمارسه الحزب، و بدأ الناس يفهمون فحوى الخطاب الحقيقي لهذا الحزب و لدولة و لي صاحب الزمان التي تربيه و تنشئه على عينها، و هو أن مراجع الشيعة و عملاء إيران لا يسألون عما يفعلون و أهل السنة يسألون ! فلقد فهم الناس العاديين أن حزب الله يروج لثقافة مفادها أن تعامل أحد من أهل السنة مع الأمريكان و إنشاء علاقة طبيعية معها يعد في عرف الحزب خيانة عظمى و عمالة للإمبريالية و للإستكبار العالمي أما إذا ارتضى الشيعة لأنفسهم موقع النعل في رجل أمريكا خدمة لأهدافها الاستراتيجية فهي البطولة و هي الحكمة و هي الكرامة. كل العقلاء يومها قد لفظوا هذا الحزب من نفوسهم لفظ النواة من أفواههم . و من تبقى منهم و تخلفت بهم الغفلة إلى أيامنا هذه فقد هيأ الله لهم الثورة السورية المباركة لتفضح آخر فصول طائفية هذا الحزب الكريهة.



الكل اليوم أصبح يعرف أن حزب الله حزب دينه الطائفية و قبلته إيران و مخططه ما يرسمه دهاقنة السياسة الإيرانية في طهران و قم. و لم يهتم الحزب أمام اندفاعه الهستيري للدفاع عن أكبر طاغية في العصر الحديث و أعتى نظام بعثي في التاريخ و هو نظام نشار الأجساد أقول لم يهتم كثيرا لما تبقى له من بريق خادع لشعبيته في نفوس بعض المغفلين في العالم، فأجهز على آخرها و هو اليوم يشارك بقوة و همجية في ذبح المنتفضين من سنة سوريا، و الصور و الوقائع تملأ الدنيا إلا لمن آثر العمى على الهدى.



الكثيرون علموا المغزى  الحقيقي من تلك الخطبة الأخيرة و انتظروا فصول تطبيقها على أرض الشام العزيزة، لا على أرض فلسطين السليبة، و فعلا كانت تلك الخطبة بمثابة كلمة السر التي ينتظرها مقاتلوا  حزب الله من فم مرشدهم ليشرعوا في احتلال القرى الحدودية السورية و تصفية النشطين من أهلها و اعتقال العشرات من أهاليها بما فيهم النساء. فقد  أكد العقيد الطيار الركن قاسم سعد الدين، قائد المجلس العسكري في حمص وريفها الناطق الرسمي باسم القيادة المشتركة للجيش السوري الحر في الداخل، أن حزب الله اللبناني دخل المعركة, مشيرا إلى أن نحو 200 عنصر من قوات الحزب قامت باقتحام عدد من القرى في القصير واستقرت فيها، و هي منطقة فلاحية مفتوحة  و سهلة التضاريس ،موضحا أن المقاتلين دخلوا هذه المناطق بصحبة قوات الأمن السورية.إن حزب الله أصبح اليوم يقوم بدور أقذر منه لا يوجد و هو المساهمة في دعم الجزار السوري ميدانيا في مجهوده الحربي ضد شعبه. و هي خيانة أخرى يسجلها التاريخ لهذا الحزب الطائفي. فالشعب السوري الذي استقبل مهجريه في حرب تموز و أخلى منازله لإسكان سكان الجنوب الهاربين من القصف الإسرائيلي، و خرج بمظاهرات عارمة تأييدا لحزب الله يتلقى اليوم الجزاء الحقيقي على تضحيته و تضامنه مع حزب الله و ذلك بالمجازر التي تقشعر من فظاعتها الأبدان.فمباشرة بعد الخطاب العنتري بدأ المجموعات الشيعية تنتشر في مناطق حدودية واسعة واحتلال مواقع فيها.في خطاب سابق بدر من زعيم حزب الله ما يفصح عن نواياه الحقيقية جاه المعذبين في سوريا عندما قال : لن نسمح لهم بأخذ سوريا إلى حيث يريدون. يقصد بالطبع أنه يقف مع النظام ضد الشعب. و اليوم بات المرء غير قادر على التمييز ما بين خطاب بشار و خطاب أمين عام  حزب الله فهما وجهان لخطبة و خطاب واحد. و الغريب أن نصر الله لا يزال يتمشدق بالإصلاح و أن الأسد يبتغي الإصلاح. أي إصلاح مع كل هذا القتل و التعذيب الهمجي الذي يمارسه هذا النظام الدموي؟

إن لسان حال حسن نصر الله يقول : إياك أعني وافهمي يا جارة.

في 20 مايو 2012

0 التعليقات:

إرسال تعليق