الجمعة، 1 فبراير 2013

الإعجاز العلمي بين الإفراط والإسفاف - أحمد الرواس


                                       الإعجاز العلمي في الميزان/ 

                                                                  أحمد الرواس

                    الإعجاز العلمي بين الإفراط والإسفاف
بعض العلماء والباحثين وقفوا من هذا العلم  موقف الشاك المرتاب في أمره … وبعضهم غالي في إثبات كل اشارة ولو ضعيفة للاعجاز العلمي. و أكثر الباحثين وقفوا  موقف الوسط والاعتدال، وهذا الأمر ينطبق على كل العلوم تقريبا ما دام الأمر يتعلق بآلية تفسير النصوص، وإدراك الواقع المكتشف ،والذي أماطت العلوم عنه اللثام. وفي تقديري، فإن الذي ينفي وجود هذا العلم، و يطعن فيه بصورة مطلقة ، مخطئ إلى أبعد الحدود .. كما أن الذي يتهالك على كل نظرية علمية، أو شبهة علمية ، أو نظريات ما تزال في طور الشرنقة ،و يحاول لي أعناق النصوص لتدل على مراده، هو أيضا مخطئ إلى أبعد الحدود. و الحق يكمن في الوسط، كما هو في الغالب ..و لنبدأ بالفئة الأولى الذين ينفون وجود هذه الإشارات العلمية أصلا، متذرعين بأن القرآن كتاب هداية -  -  وليس كتاب علوم فزيائية و أنثروبلوجية  و رياضية ، و لا أحد يدعي أن القرآن الكريم هو كراسة للمعادلات الرياضية و الطروحات الفزيائية …و لكن في القرآن إشارات هادية،و همسات ضافية تهدي كل متأمل،  و ترشده إلى الحقيقة الأزلية لهذا الكتاب، و هو أنه كلام الله،  و المعجزة الخالدة.و مهما حاول البعض أن يقلل من أهمية المعجزة في إرشاد الناس إلى هدي ربهم الذي جاءت به الرسل و الأنبياء ، فإن الحقيقة التي لا مراء فيها، هي  أن القرآن هو معجزة خالدة .في وسع كل امرء أن يتأكد من صحتها ،و ربما هذا هو السر في سد باب النبوة و ختمها ببعثة محمد ص. فكل نبي جاء بمعجزات انتهت بانتقاله إلى الرفيق الأعلى. أما محمد خاتم النبيين فقد أعطي كثيرا من المعجزات الوقتية، كما أعطي من سبقه من الأنبياء و المرسلين، ولكنه فضل عليهم بأكبر معجزة خالدة هي القرآن الذي لا يتبدل و لا يتغير، و لا تنتهي عجائبه. فهو السر في ختم النبوة، لأنه  لم يعد هناك حاجة إلى رؤية المعجزات الخارقة التي تعجز الإنسان عن إيجاد علة علمية لها غير التدخل الخارق.لم يعد هناك حاجة إلى معجزات خارج قدرة الإنسان على التأمل والفهم العميق للدلالات الخالدة في آيات القرآن و ما تدل عليه من آيات الأنفس و الآفاق ، و هذا الفهم و التقدير خير من المجازفة بالقول أن النبوة ألغت نفسها بنفسها بعدما و جهت الإنسان و أوصلته إلى العقل الاستدلالي كما يقول جودت سعيد تقليدا لمحمد إقبال. فإن هذا الفهم قد يحمل للبعض في طياته و ثناياه، اسنتاج صوابية الركون إلى مجرد  اقتناعات العقل لهداية الإنسان إلى الحقيقة، دونما حاجة إلى القرآن و السنة اللذين جاءت بها نبوة محمد ص .و لو كان العقل وحده كفيل بهداية جميع البشر، لكان الإنسان الغربي أهدى سبيلا،و أقوم طريقا،  لتسنمه ذروة الحضارة العقلية المادية اليوم، و لما كنا نرى أن المجتمعات الغربية قد تقدمت في بعض الميادين المحدودة ذات الجوانب الاقتصادية و العلمية، و العسكرية ،وارتكست إلى ما دون الحيوانية في الجوانب الأهم في حياة الإنسان، و هي الجوانب الأخلاقية ، و السلوكية، و الإنسانية، فنحن نرى- على العكس من ذلك - أن المجتمعات الغربية قد هوت إلى الحضيض في هذه النواحي ، فحللت الخنا و الزنا و اللواط و السحاق ، وزواج الذكور بالذكور و الإناث بالإناث  ، و القمار ،فاكتسحت هذه الموجة العارمة من الإباحية كل تفاصيل الحياة الغربية ،  و تغاضت عن العنصرية، و شرعت برلماناتها قمع حرية التعبير حتى عن القناعات العلمية التاريخية إذا تعلق الأمر بما يمس سياسة إسرائيل الصهيونية، و قمع حرية التعبير في أي شئ يخالف المعتقدات الغربية  ، و قمع للحريات الفردية و حقوق المرأة إذا كانت مسلمة، مثل منع ارتداء الزي الإسلامي في المؤسسات التعليمية ،و المؤسسات الرسمية، و نهج سياسة الإكراه على كشف شعر الفتاة المسلمة، و هذه المسائل من أخص حقوق الإنسان.
 نزل القرآن  في  مجتمع يفخر بثقافة الشعر، و السجع و الجناس، من االكلام الموزون ، وفي مجتمع رأس ماله الحضاري شعر و بلاغة و فصاحة ،و معارضات شعرية ومنافسات محمومة  مفتوحة على مصراعيها في أسواق عكاظ، و ذي المجاز، و ذي المجنة ، بين شعراء القبائل العربية المتنافسة، ومع ذلك فقد تحداهم القرآن الكريم في أن ياتوا بسورة مثله، و إمعانا في التحدي قال القرآن الكريم:  ( قل لئن اجتمعت الانس والجن على أن ياتوا بمثل هذا القرآن لا ياتون بمثله و لو كان بعضهم لبعض ظهيرا ) .فأعجزهم أن ياتوا بمثله، و فشلت كل المحاولات، من مسيلمة الكذاب، الذي حاول أن يعارض القرآن فجاء بسخف ملفوف في التفاهة!  مرورا بطليحة الأسدي، و النضر بن الحارث اللذين زعما أنهما يوحى إليهما و إن لم يتجرآ على تقديم كلمة في معارضة القرآن،  إلى ابن المقفع إبان الدولة الأموية و العباسية، و يبقى التحدي مشهورا في وجه كل متشكك مرتاب.لكن السؤال هو :  إذا كان القرآن الكريم قد تحدى العرب في أخص ما يتقنون، و هو اللغة و عالمها الفسيح، أليس من المنطقي أن القرآن الكريم الصالح لكل زمان و مكان، فيه من الإشارات العلمية و الخبايا المعرفية ما يفرض حجته على المفتونين بالعلوم البحتة! و لا فتنة أعظم من فتنة العلم ، فإن أغلب منابت الصلف، و الكبرياءو العجب و التكبر تجد تربتها الخصبة في نرجيسية التعالم ، و هذا منذ أقدم العصور ، و حتى عندما كانت العلوم ما تزال تحبوا كطفل كسيح ، ألم يكن سبب صلف قارون و تكبره هو نرجسية المعرفة و توهم الشطارة ،عندما قال : إنما أوتيته على علم عندي، و قوله عندي يريد به إيهام الحصرية، فالعلم عنده وليس عند غيره، و هكذا نسي فضل الرزاق عليه فكان من المهلكين!  فإذا كان الإعجاز اللغوي شكل سببا رئيسيا لتسليم العرب البلغاء بأوحدية نظمه و فرادة نسقه مما جعل علية القوم يصفونه كما فعل الوليد بن المغيرة: والله ما هو بشعر ولا كهانة ولا سحر،  سمعت منه كلامًا ليس من كلام الجن ولا من كلام الإنس والله إن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإن أعلاه لمثمر وان أسفله لمغدق وإنه يعلو ولا يُعـلى عليه.- و هذا الوصف العجيب بحاجة إلى دراسة متخصصة لتجتني منه وقع ألفاظ القرآن الكريم على المجتمع الجاهلي- .أقول : أليس في القرآن الكريم إشارات علمية واضحة غير متكلفة التأويل، تمثل تحديا و إعجازا لعلماء عصر  الفتح العلمي !فيكون بمثابة آيات تهدي عقولهم إلى ربانية مصدره، كما كان الإعجاز اللغوي سببا في هداية العرب!؟   لا شك أن القرآن الكريم مليء بمثل تلك الإشارات العلمية الهادية لمن ألقى السمع و هو شهيد .ففي القرآن طرق متعددة للإقناع  ليس أقلها الإشارات العلمية في الأنفس و الآفاق، ألم يقل القرآن : سنريهم آياتنا في الآفاق و في أنفسهم ، و لاسبيل للوصول إلى آيات الآفاق و الأنفس إلا بالعلم. ثم إنني لا أفهم تبرم كثير من الناس مما يسمى بالإعجاز العلمي في القرآن و السنة، و كأنهم يخشون على كتاب الله أن يرتبط بالنظريات العلمية،  فيتعرض خطاب الله للأذى من سقوط هذه النظريات.ألايعلمون أن الله غالب على أمره.
يمكن التمييز بين ثلاث فئات تقف بسلبية من الإعجاز العلمي :
الأولى  تخاف من العلم ، و تقلباته،  فتشفق على آي القرآن أن تتعرض للشكوك إن ثبت بطلان ذلك العلم، بل ولاترى علاقة بين القرآن و العلوم البحتة، و أن لكل منهما مساره الخاص.و أن العلوم تقتضي النظرية و المنطق و التجريب و الملاحظة و الاستنتاج ، أما القرآن فمجاله الروح و الأخلاق و ما يصلح باطن الإنسان قبل ظاهره، و هذه الفئة تجدها ميالة إلى تغليب التفسير الروحي لكثير من آيات القرآن و الغلو في الركون إلى المجاز، و الاستنكاف عن الحقائق الملموسة. و هذه الفئة أطوع نفوسا للتفسير  الإشاري لآيات القرآن، و أشد تعلقا بالأبعاد الروحية للتنزيل .و يندرج في هذه الفئة كثير من الغربيين الذين اهتدوا إلى الإسلام هربا من جحيم المادية  و سطوة العقلانية الجافة  في الغرب .
أماالفئة الثانية  فحالتها تشبه التطير من العلم ! فقد ارتبط عندها العلم بسلبيات عديدة ، سواء في ميادين الحروب ، و العبث بالجينات،و التهديد النووي، و تعاسة الحياة العصرية وما ظهر فيها من أمراض خبيثة و توترات نفسية و أمراض عقلية، و ترى في القرآن الكريم خلاصا من كل ذلك، و لذلك فهي لا تستسيغ أن يقرن القرآن الكريم بمثل هذه العلوم البحتة  ، فكلما ذكرت العلوم استدعت ظلال تلك الصور السلبية فتشوشت الصوة لديها و فقدت بالتالي التركيز البناء في التأمل .و الفرق بين الفئة الأولى  و الثانية دقيق و متداخل .
و فئة ثالثة تنطلق من معاداتها لما يسمى بالإعجاز العلمي في القرآن من قاعدة كفرها بالقرآن و إن جبنت عن التصريح بذلك ، من فئة الملاحد و اليساريين العرب  و غيرهم ، و بالتالي فالقرآن عند هذه الفئة هو مجرد كتاب تاريخي محكوم بظروف زمنه ! و علم الأنثروبلوجيا و رديفه علم اللسانيات  كفيل بكشف زيفه! و لايمكن أن يفيد في كشف الحقائق العلمية ، لأن مثل هذا الطرح لايمكن تصوره خارج إطار الإيمان، لكن هذه الفئة تستفيد كثيرا من بعض الكتاب المتشنجين و الذين يستبد بهم التشنج والحدة  فيستهدفون رموز أهل هذا الفن بالتجريح و التسفيه الامسؤول فيتلقف ذلك الملاحدة العرب فيضربون المسلمين بعضهم ببعض.
بالنسبة للفئة الأولى عليها أن تعلم أن لهذا العلم شروطه العديدة ، كثير منها مشترك مع ما يشترط في مفسري القرآن الكريم، من معرفة باللغة العربية نحوا و صرفا و بلاغة ،و دلالات، و علوم القرآن من عموم و خصوص وإطلاق و تقييد، و نسخ و أسباب نزول و ترتيب نزول . و أهم ما يشترط في هذا الصدد  : عدم إخراج الآيات عن سياقها، اللفظي و المعنوي ، فليس كل من يكتب في الإعجاز العلمي يحسب له، بل لهذا الميدان رجاله وفرسانه ممن جمعوا ما بين التمكن في علوم الإسلام  ، و التمكن من المادة العلمية التي يراد تناولها بالبحث، فهو علم مزدوج يذكر بموسوعية علماء الإسلام القدامى. ولا غرابة في أن يحوم حول هذا العلم متطفلون ومتعالمون. و هؤلاء معرضة أفكارهم للنقد البناء فلا يصح في النهاية إلا الصحيح .و لذلك فلا خوف على القرآن من هذه الناحية ، وآراء المفسر في الآية الغير مدعومة بالبراهين و الأدلة القاطعة  تبقى آراؤه ولا تلزم القرآن في شئ .و قد فسر القرآن الكريم المعتزلة والأشاعرة ، و الصوفية و السلفية و حتى أهل الأهواء مثل الروافض فما ضر كتاب الله منهم شئ . و يبقى تفسير أهل الأهواء على الهامش.
بالنسبة للفئة الثانية فإن نظرتها قاصرة ، فمهما سببت العلوم من مآسي و مخاوف فإن العلم يبقى هو الأمل في أن يضيء حياة البشر ، و لا تعارض ين نقل صريح و علم صحيح، فازدواجية العقل و النقل ازدواجية مستوردة ومفروضة على المسلمين تقليدا أعمى، و ما كان ينبغي للمسلمين أن يقعوا في مطب هذه الازدواجية المضللة، فليس عند المسلمين إشكالية أصلا ما بين العقل و النقل ، أو النقل و النقد.فنحن نعتقد أن المصدر واحد ! فالذي أنزل الكتاب آيات تتلى هو الذي أنشأ الكون و بث فيه آيات تشاهد و تدرى! و الذي قال: هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات…هو الذي قال: إن في خلق السماوات و الارض واختلاف الليل و النهار لآيات لأولي الألباب.و الذي قال ألم تلك آيات الكتاب الحكيم هدى و رحمة للمحسنين. هو الذي قال : سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق. و عندما تخلى المسلمون- بانحطاطهم- عن مكانتهم الحضارية التي ظلوا متربعين عليها   8قرون دفعوا إلى هذه الوهاد السحيقة من التخلف المشين، وكلما ازددنا تبرما من العلم كلما ضاعفنا من الحواجز و الموانع بيننا وبين تبوء مكانتنا الطبيعية كخير أمة أخرجت للناس .
بعض آيات الإعجاز العلمية واضحة  بحيث يعد العدول عن تفسيرها العلمي عدولا عن صريح القرآن وواضح البيان إلى تكلف التأويل الذي قد يكون مخلا بالمعنى أحيانا.و أنا هنا لست بصدد استعراض آيات الإعجاز العلمي الواضحة فإن ذلك يستغرق وقتا و حيزا كبيرين ، ولكني سأقتصر على بعض الأمثلة فقط.
جاء في سورة الواقعة قوله تعالى: ( فلا أقسم بمواقع النجوم و إنه لقسم لو تعلمون عظيم)  الواضح البين في الآية أن الله يتحدث عن مواقع النجوم، و ليس عن النجوم ! و هذا التعبير و المفهوم لم يكن يعرفه العرب و لا  غير العرب ، فلم يكن أحد يتصور أن الإنسان لا يرى النجوم و إنما يرى مواقعها !  و أماكنها التي كانت فيها منذ زمن قد يطول دهرا طويلا يصعب تصوره، و لم يكن الناس يعلمون أن كثيرا من النجوم قد اندثرت و طمست منذ مآت السنين، و لكننا سوف نظل نراها في مواقعها و أماكنها التي كانت فيها لمآت السنين الأخرى ، رغم أنها قد طمست أو أقبرت في الثقوب السوداء منذ دهر طويل. و حتى الشمس التي هي نجم قريب جدا منا بما يكفي لحياتنا على الأرض لانراها في زمنها الذي توجد فيه بالفعل ! و إنما نرى مكانها التي كانت فيه منذ 8 دقايق و33ثانية. و لكن عندما عرف الفزيائيون سرعة الضوء و و جدوا أنه حوالي 300 ألف كيلومتر في الثانية ، و قدروا الأبعاد المختلفة لكثير من النجوم أميط لهم اللثام عن حقائق مذهلة عن عالم النجوم، و المجرات و أعمارها المتفاوتة، و تقدير لحظة انبثاق الكون إلى غير ذلك. و في غياب هذا التصور الناشئ عن هذه الحقائق الملموسة ، لجأ بعض المفسرين إلى التأويل البعيد عن صريح الآية ، فقال بعضهم ربما يكون المراد بالنجوم هو كناية عن آيات القرآن باعتبارها هادية لإنسان كما هي النجوم هادية للسائرالذي يلفه ظلام ليل الصحراء ، و بالنجم هم يهتدون. و لكن البعض الآخر لم يستسغ هذا الانزياح عن المعنى بهذا التأويل واضطر تحت ضغط وضوح الآية و صراحتها أن يقول : المراد بمواقع النجوم : أماكنها، كما فعل إبن كثير الذي عاش في القرن السابع الهجري ،و أنا متأكد أنه لوكان ابن كثير قد نشأ في الغرب لعدوه بلا تردد أو ل مكتشف لحقيقة رؤية مواقع النجوم. و قريب من هذا المعنى قوله تعالى: ( فلا أقسم بما تبصرون و مالا تبصرون) و حتى عهد قريب لم تكن هذه الحقيقة معروفة ، فقد رأيت مثلا كيف أن مترجم القرآن القدير يوسف علي ، التي تعد ترجمته للقرآن أحسن  ترجمة عند الأغلبية، رأيته يترجم الآية : (فلا أقسم بمواقع النجوم) كما يلي :
Furthermore I call to witness the setting of the Stars
أي فلاأقسم بمساقط النجوم ! واستدل على ذلك بآية  مستهل سورة النجم: و النجم إذا هوى .و في الشرح المصاحب إضطره التأويل إلى قول ما يلي:
عدد من المعاني المجازية يمكن إلحاقها بهذا المعنى،هذه ثلاث منها :
1 أن في سقوط النجم المتوهج  رمزا للتواضع أمام القوة ، و الجمال ، و الربوبية.
2  يمكن أن تكون الآية تشير إلى اندثار النجوم يوم القيامة !دلالة على إقامة العدل الإلهي و حقيقة وحيه.
3ما هو ساطع أو جميل لحواسنا قد يختفي من مدى أبصارنا في غضون ساعات، مع أن وجوده  الذاتي قد يستمر ، كل نور هو نسبي إلا النور الإلهي .
بينما ترجم بيكتهول الآية كما يلي:
Nay, I swear by the places of the stars –
أي : أقسم  بأماكن النجوم. تماما كما فهم ابن كثير.
و مثال  واضح آخر هو قوله تعالى: (  فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ) (الأنعام: 125)  فهذه الاية واضحة المعنى ، و هي من آيات الإعجاز العلمي الواضحة، و يحتاج إخراجها عن ذلك تأويلا مسفا ، و شرودا غير مبرر عن السياق القرآني .و لذلك فحتى أكثر المفسرين و المترجمين ميلا إلى التفسير المجازي لآيات اللقرآن كيوسف علي السالف الذكر لم يجد بدا من تفسير  قوله تعالى : وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ  كما يلي:
Those whom He willeth to leave straying –He maketh their breast close and constricted, As if he had to climb up to the sky.
 فهذه الآية من سورة الأنعام تتحدث عن حقيقة علمية لم تكن موجودة في زمن نزول الوحي،و لا بعد عشرة قرون بعده، فلم يكن الصعود إلى الأجواء العليا ممكنا في ذلك الوقت في أية حضارة فبالأحرى شبه الجزيرة العربية. تتضمن الآية حقيقة علمية هي تناقص نسبة هواء الأكسجين في الجو كلما ابتعدنا صعودا عن مستوى البحر، فهي إذا كانت 21 في المئة عند سطح البحر فإن هذه النسبة  نعدم نهائياَ في علو 67ميلاً ، و يبلغ توتر الأوكسجين في الاسناخ الرئوية عند سطح البحر 100 مم ، و لا يزيد عن 25 مم في ارتفاع 8000 متر حيث يفقدالإنسان وعيه بعد 2ـ 3 دقائق ثم يموت ولقد ثبت أن الضغط الجوي يقل مع الارتفاع عن سطح الأرض، بحيث ينخفض إلى نصف قيمته تقريباً كلما ارتفعنا مسافة 5 كيلومترات عن مستوى سطح البحر، بشكل مطرد. و تبعا لهذا، فإن الضغط الجوي ينخفض إلى ربع قيمته على ارتفاع 10 كيلومترات، وإلى 1% فقط من نسبته الأصلية على ارتفاع 30 كيلومتراً . 
و هذه الحقائق العلمية عن مكونات الغلاف الجوي و نسب الغازات فيه و تغيرها بالارتفاع لم تعرف إلا في عصر متأخر من القرن التاسع عشر و القرن العشرين .و لذلك لا شك البتة في أن إشارة القرآن الكريم إلى هذه الحقيقة يعد بكل تجرد، و وفقا لكل المقايس العلمية ، معجزة من المعجزات العلمية العديدة ، المبثوثة في الكتاب المبين.وما يقال عن هذه الآيات يقال عن آية تطور خلق الإنسان في الأرحام ، و الأوصاف الدقيقة لكل مرحلة من المراحل التي يمر عبرها الجنين منذ ما قبل التقاء البويضة بالحيون المنوي إلى التكون الكامل، و يقال عن مآت الآيات الأخرى.
 و لذلك فإنني أدعوا كل مرتاب من هذا الجانب من الإعجاز العلمي في القرآن أن ينفض عن عقله غبار التشكيك و هوس الارتياب ، و يقبل على قراءة القرآن الكريم في جو علمي تنسجم فيه النظرة العلمية المدعومة بالحقائق العلمية المكتشفة مع وضوح اآيات الكتاب و صريح مدلولاتها البعيدة الآفاق ، و المرامي السحيقة الأغوار.فإن هذا القرآن كما و صفه الرسول ص :
"أتاني جبريل فقال: يا محمد. إن الأمة مفتونةٌ بعدك. فقلت له: فما المخرجُ يا جبريل؟ فقال: كتاب الله، فيه نبأ ما قبلكم، وخبرُ ما بعدكم، وحُكم ما بينكم، وهو حبلُ الله المتين، وهو الصراطُ المستقيم، وهو قولٌ فصلٌ، ليس بالهزل، إن هذا القرآن لا يليه من جبارٍ ويعملُ بغيره، إلا قصمه الله، ولا يبتغي علماً سواه إلا أضله الله، ولا يخلق عند رده، وهو الذي لا تُفنى عجائبه، من يقل به يصدق، ومن يحكم به يعدل، ومن يعمل به يؤجر، ومن يقسم به يقسط" رواه أحمد في مسنده.

تعليقات من مدونتي في مكتوب:

2 تعليق على “الإعجاز العلمي في الميزان/أحمد الرواس”

  1. EZZAT MANDOURA قال:
    السيد أحمد أذهلني تعليقكم على مقالة خالص ( حفظ القرآن أم فهمه ) إنكم أنتم النخبة الفكرية لنا تربكوننا فهلا رجوتك أن تجيبني على تساؤلاتي التالية رجاءاً رجاءاً رجاءاً فقط لنستعيد توازننا نحن الناس البسطاء ودمتم سٍيدي… سور القرآن الكريم..
    إذا كان عدد السور المكية في القرآن : 86 سورة يبلغ عدد آياتها : 4314 آية : ( تتضمن السنن و العلوم الكونية ) و التي قد برع الغرب في التفاعل وتفعيلها و التعامل معها 100% في المعامل و المختبرات و المفاعلات و المؤسسات والجامعات العلمية دون حتى أن يعلم أو يسمع بالقرآن ..!!!!!
    أما عدد السور المدنية في القرآن والبالغ عددها 28 سورة فقط وعدد آياتها : 1479 آية فقط : و ( تتضمن العبادات و الحدود و الأحكام و التشريعات و فقه التعاملات ). و معظمها أمور غيبية ] و مع الأخذ بالاعتبار أنها غيبية فليس بإمكان أياً من كان أن يجزم بأن عبادته مقبولة أو أن حكمه /أو اجتهاده أو فعله صحيح 100% [ إذاً فإن درجة الإتقان و التفاعل و التفعيل الأدائي لها لا تتعدى 50% …
    وحيث أن السور المكية أكثر من السور المدنية ب 58 سورة ..
    كما أن آيات السور المكية تزيد عن آيات السور المدنية ب 2835 آية …
    إذأً فالمحصلة النهائية هي أن أدائنا التفاعلي مع محتوى ومضمون القرآن لايتجاوز 14 سورة فقط أي ( نصف السور المدنية ) و 745 آية ( من آيات السور المدنية )
    بينما الغرب يتقن التفاعل والتفعيل والتعامل مع 86 سورة ( كل السور المكية ) أي 4314 آية كاملة دون أن يعرف بها أو أن يسمع بها حتى …
    مارأيكم دام فضلكم في ما أهمنا و أهمكم
    إن كان هذا وضعنا و وضعهم………… ؟؟؟!!!!
    سور القرآن الكريم
    ما يتوجب على المسلم تجاه القرآن :
    1- قراءة القرآن .
    2- تلاوة القرآن .
    3- ترتيل القرآن .
    4- الاستماع و الإصغاء إلى قراءته و ترتيله.
    5- تدبر القرآن .
    6- التفكر في القرآن .
    7- استذكار آيات القرآن .
    8- تفقه آياته .
    9- أن يتعقل آياته في حياته و سلوكياته …فإذا ما أتقن كل ما سبق حينها يسهل على المسلم حفظ القرآن عندها يسير في دنياه و القرآن يشع منه سلوكاً و قولاً و علماً و عملاً بكل سلاسة و يسر و سهولة وهذا ماكان عليه السلف الصالح من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين وذلك ما حثنا عليه رب العالمين في كتابه المبين …
    ..إذا لم يكن الأمركذلك …؟؟؟ فكيف السبيل بالله عليكم أفيدونا …
  2. الأخ عزت ماندورة
    شكرا جزيلا على تعليقك المفيد،و إطرائك السخي، و إن كنت أرى نفسي دونما وصفت، رجاء أن أكون عند حسن ظنك بي.
    أخي العزيز ! لست أدري ما أذهلك من ردي على د خالص جلبي أنا غالبا أبتعد عن التجريح و أتبرم من إصدار الأحكام جزافا، بالنسبة لخالص جلبي فأنا أرد على أفكاره الغريبة، و التي تنطلق من مفاهيم خطيرة لا تقيم لشرع الله وزنا، و لا ترى لها دورا في الحياة، فقد انسحبت كل مفردات الشريعة من مدى تفكير هذه الفئة وحلت محلها مفردات الحضارة الغربية، فما يحدث في الغرب من تطورات حتى على المستوى الاجتماعي أصبح الأساس في التشريع ،و الصواب في التفكير ، و ظهر تبرم عجيب من كل ما يمت إلى الشريعة و الفقه الإسلامي بأدنى صلة، و لمزيد من التفصيل إقرأ تعليقي الأخير على مقاله: الفتوى : الديني والاجتماعي، و تأمل قليلا في مفردات الدكتور يفتح عليك في معرفة بحقيقة مذهبه الجديد.
    بالنسبة لما ذكرت من تفصيل عن السور المكيةوالسور المدنية، و اعتقادك ان الغرب قد تفاعل و طبق مضمون جميع السور المكية ، بينما غفل المسلمون عن كل ذلك في مقابل تطبيق الشئء اليسير من آيات السور المدنية: أستسمحك أخي فأقول بأن الأمر ليس بهذه السهولة، فإن أولى مرامي السور المكية هي ترسيخ وحدانية الله، و إثبات صفاته الحسنى و تجليها في كل جوانب الكون من حولنا، ثم إثبات الأدلة على وجود يوم المعاد، و يوم للمحكمة الإلهية التي سوف تجزي كل نفس ما كسبت و هم لا يظلمون،و أما آيات الأنفس و الآفاق فهي ذكرى لكل من ألقى السمع و هو شهيد.و القرآن الكريم لم ينزل ليعلم الناس الصناعة وتفاصيلها، و العمران و تفاصيله، و لكنه أزال الحواجز عن عقولهم و حثهم على استعمال الكون بأكمله لخيرهم و خير البشرية معهم: و سخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعا منه، و إذا كان الغرب قد اهتدى إلى الأسلوب المادي الصحيح للاستفادة من هذا التسخير فإنه للأسف لم يهتد في عمومه إلى الغاية من خلق الكون، و تسخيره! لم يهتد بعد إلى غاية الغايات،وهي وحدانية الله و إفراده بالعبودية ،والعمل من أجل السعادة الأبدية للإنسانية و ذلك بإرشادها إلى أقوم طريق لعبادة ربها و إفراده بالعبودية : سنريهم آياتنا في الآفاق و في أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه على كل شئء شهيد ألا إنهم في مرية من لقاء ربهم ألا إنه بكل شئء محيط.
    أنا معك في أن الغرب يأخد بالأسباب العلمية التي أودع الله أسرارها في كونه، و لكن لأي هدف؟ و هذا هو السؤال الأهم،ألا ترى معي أن الغرب عندما انفرد بقيادة المدنية قد أوصل العالم إلى جرف أخطار و رعب غير مسبوقين في تاريخ البشرية ؟! ألا ترى معي أن العالم أجمع اليوم مسكون بخوف اندلاع حروب نووية لا تبقي ولا تذر!أو اندلاع تسربات ننويه كبيرة قد تهلك الحرث و النسل من انتشار الأورام الخبيثة بتسيب الأشعة النووية المخترقة لأحصن نظام و جد و هو نظام الحامض النوويDNA و الذي لم يسبق في تاريخ البشرية أن تعرض لمثل اللأخطار المحدقة به حاليا؟ ألا ترى معي أن قيادة الغرب للحضارة قد أوصل الحياة على الأرض إلى حافة الهلاك و الخطوب، و الكوارث الماحقة بسبب تلوث الحياة النباتية و الحيوانية بسبب شره الإنسان الغربي الذي لا يعرف حدودا أخلاقية يقف عندها؟ ألا ترى معي أن الحياةعلى وجه الأرض أصبحت مهددة بفعل الازدياد المطرد لحرارة الأرض أو البيت الزجاجي في إشارة إلى الغلاف الجوي المحيط بالحياةعلى الأرض؟
    هل ترى أن الإنسان أكثر سعادة و أهنأ بالا في الغرب اليوم مما كان من قبل؟ إذا كان الجواب بالنفي، فلماذا؟
    ثم هل كل المسلمين لم يهتدوا إلى الأخذ بالأسباب؟ و في جميع العصور؟ إذا ما استسلمنا لطروحات هذه الفئة فإنها تدعي أن المسلمين قد ركنوا إلى الخرافة منذ منتصف القرن الأول الهجري ، أي بعد الخلافة الراشدة، وهذه مغالطة للحقيقة ،فالتاريخ يشهد أن العرب و المسلمين ظلوا يقودون الحضارة الإنسانية دهرا طويلا تعدى 8 قرون إلى سقوط غرناطة سنة 897هجرية/1492 ميلادية.و لم تتقدم أوروبا إلا على أنقاض الحضارة الإسلامية ، فنفس السنة التي سقطت فيها غرناطة توجهت فيها سفن كريستوفر كولومبس لاكتشاف العالم الجديد، و من هناك بدأت فصول الحضارة الغربية، طبعا قد تخللت الحضارة الإسلاميةفترات ضعف و خذلان و انتصارات و هزائم أمام الأطماع الخارجية، و لكن الاتجاه العام كان إيجابيا في أغلب الأحيان.إن خالص جلبي يتساقط في شره عجيب على كل الأخبار التاريخية المرجوحة و المعلولة و الشاذة ليشوه بشرط تضمنها لتشويه ما يشوه به صورة التاريخ الإسلامي، و يتعمد نشر الأكاذيب على عظمائه مثل :صلاح الدين الأيوبي ، و محمد الفاتح، و سليمان القانوني ، و جميع سلاطين الخلافة العثمانية، كما أنه يبالغ في تشويه صورة معاوية بن أبي سفيان، ويرمي الأمويين عن قو س واحدة ، و كأنهم يحملون الشر في جيناتهم!فهو في التاريخ أكبر حطاب ليل يفتقد إلى أبسط القواعد في نقد الأخبار و تمحيص الروايات التاريخية.و هذا ليس من شأن أهل العلم، ولامن شأن أهل التقى و أهل الإنصاف.
    عد إلى تعليقي من جديد فإذا ما وجدت أي خطإ فأنا على استعداد لمناقشته معك.
    ختم الله علي و عليك و على خالص جلبي بالإسلام

0 التعليقات:

إرسال تعليق