الجمعة، 25 أكتوبر 2013

الداروينيون في أزمة

تتوالى الضربات على نظرية داروين، و بالرغم من المحاولات اليائسة التي يقوم بها أنصار هذه النظرية العتيدة و تشبثهم بأسمالها البالية، و محاولة تجميل وجهها الكالح. إلا أن الضربات العلمية القاصمة التي تعرضت لها في العقود الأخيرة قد أهالت عليها التراب، و زجت بها في عالم النسيان. إلا عند المسكونين بالداروينية حتى النخاع، فهؤلاء يستوي عندهم الدليل العلمي مع الوهم العقلي، و الهوى النفسي.
و لم تعد تستطيع أن تقوم لحظة على قدميها أمام البراهين العلمية القوية التي تكشَّفت لدى العلماء عن تهافت تلك النظرية، و انزوت أخيرا إلى رفوف النسيان.
فقد افترض داروين في كتابه أصل الأنواع أن أصل الأحياء و مبدأ الأنواع واحد هو ذلك الحيوان المجهري المسمى بالأميبا، و هو وحيد الخلية. ثم مع مرور الأحقاب و ملايين السنين تطورت عنه كل ما نراه من كائنات حية من أسماك و حيوانات و طيور. و لم يستثن الإنسان في هذه الافتراضية بل ادعى أن الإنسان قد تطور من سلالة من القردة، و أن آخر جد للإنسان هو فصيلة الشامبانزي ، و أن هنالك نوعا من المخلوقات التي تطور عنها الإنسان مباشرة و هي التي تحتل المرحلة ما بين الشامبانزي و الإنسان، هذا النوع من الكائنات لم يجد لها داروين أثرا، فقرر أنها حلقة مفقودة يمكن لعلماء الآثار أن يعثروا عليها لتتقوى نظريته، و تثبت علميا، لكن الغريب أن الحلقات المفقودة ليست خاصة بالإنسان، فهذه الحلقات المفقودة هي الغائب الأبرز في نظرية داروين، فكلما وصل إلى طريق مسدود علق فشله على " الحلقات المفقودة" فهناك حلقات مفقودة بين الزواحف و الطيور، و بين الحيوانات المائية و البرية، و ما بين مختلف الفصائل الحيوانية . و هكذا ....
وعند قراءة كتاب داروين أصل الأنواع The Origin of Species يلحظ أن داروين قد انطلق من مسلمات جاهزة. أهمها المسلَّمة التي تقول بأن التطور يسير في خط تصاعدي -عبر الزمن- من الأدنى إلى الأعلى، أو من الأقل تعقيدا إلى الأكثر تعقيدا، و هذا المنحى من التصنيف سبقه إليه أرسطوا فهو أشهر من قال بمثل هذا الترتيب في عالم الحيوانات في العالم القديم. حيث صنف الكائنات الحية إلى ذوات الدم الأحمر و غيرها من معدومات الدم، و ذلك في كتابه: تاريخ الحيوانات The History of Animals . لكن هذا ترتيب داروين جلب كثيرا من المتاعب لهذه النظرية التي أبت مع مرور الأزمنة إلا أن تبقى مسجونة في زنزانة إنفرادية إسمها: النظرية أو الافتراضية دون أن يتمكن أنصارها من الإفراج عنها و إخراجها إلى رحب الحقيقة العلمية و سعتها.
و قد ظهرت للوجود أبحاث علمية جادة فندت هذه النظرية و أثبتت تهافتها في خطها العام. و من أبرز هذه الدراسات الجادة هي تلك الأبحاث التي قام بها المرجع البيلوجي الأسترالي مايكل ديلطون Micheal Delton الذي قضى أكثر من 10 سنوات في البحث المختبري باحثا في أدق التفاصيل الجزيئية المكونة للسايتكروم أو جهاز التنفس في خلايا سلسلة من الزواحف التي رتبها داروين في سلسلة من التطور السابق و الاحق، فأثبت -بما لا يدع مجالا للشك- أن ما يفارض أنها زواحف بدائية تطورت عنها حيوانات أخرى بعد ملايين السنين تتميز أجهزتها التنفسية في الخلايا بمزايا ليست أقل تطورا و تعقيدا من التي جاءت بعدها بملايين السنين و بعد النوع الرابع من الأحفاد النوعيين!!! بل إنه وجد و لسوء حظ داروين أن بعض أجهزة التنفس في بعض تلك الحيوانات التي صنفها داروين و أنصاره على أنها بدائية و جدها أكثر تعقيدا. فكتب كتابا أثار ضجة كبرى في صفوف علماء الإحياء و هز به أركان نظرية داروين مما أصاب الداروينيين بالذهول و أسماه:
نظرية التطور في أزمة.The Evolution:A theory in crisis 

ثم توالت الضربات، و ظهرت بحوث أخرى للوجود آخر ما قرأته بحث لفريق من علماء الإحياء الكنديين تحت عنوان:
New evolutionary research disproves living missing link theories 
بحث في نظرية التطور يبطل النظريات السائدة للحلقات المفقودة. حيث إنتهى البحث إلى نتيجة تقول: Genetic research proves worm has evolved to be less sophisticated than its ancestors
 البث الجيني يبرهن على أن الديدان تتطور لتصبح أقل تعقيدا من سالفتها.
و بالرغم من أن الحظ، أو واقع الأمر لم يساعد أنصار داروين في العثور على هذه الحلقات المفقودة التي علق داروين على مشجبها نقائص نظريته، إلا أن الداروينيين لم ييأسوا بعد، و قد خصصوا جوائز مجزية لمن يأتي بتلك الحلقات المفقودة لينقذوا بها ماء وجه تلك النظرية، و قد وصل اليأس ببعضهم أن تآمروا على تلفيق هذه الحلقات المفقودة لينتهوا من هذا الكابوس الذي ظل يؤرقهم و يؤجل الاحتفال النهائي بصدق هذه النظرية. و أبرز مثال على هذا هو المجهود الكبير الذي سعوا فيه مع المجلة العلمية الأشهر في العالم و هي مجلة ناشيونال جيوغرافيك National Geograhic  عندما لفق بعضهم مستحثات استخرجت من مقبرة المستحثات في أقصى شمال الصين، للحلقة المفقودة بين  الديناصورات ثنائية الأرجل و الطيور، Theropod dinosaurs.   و احتفلت بالعثور على إحدى أهم الحلقات المفقودة و هي التي تعود لحيوان يمثل حلقة وصل ما بين الطيور و الديناصورات ثنائية الأرجل و المسمى :

Archaeorapto  أنفقت المجلة العلمية الملايين لتدعم هذا الاكتشاف الأخير،سنة 1999 و في أحد أعدادها احتفلت بالعثور على الحلقة المفقودة، لكن عالم إحياء صيني سيكتشف زيف ذلك الاكتشاف، و يثبت للمجلة العلمية زيف تلك المستحثة و تلفيقيتها. و أمام افتضاح الأمر قامت المجلة فيما بعد بالاعتذار لقرائها على الخطإ الفادح الذي وقعت فيه، و نشرت بعض التفاصيل في أعدادها الاحقة. و تبين أن المستحثة ملفقة من عدة حيوانات مختلفة، و ذكرت المجلة أن هذا التزييف الذي حصل يلقي بظلاله القاتمة على كل المستحثات التي ظهرت أخبارها في المجلات العلمية الأخرى الأقل شهرة.و من هذه المستحثات ما أصب جزءا من أقسام تطرو الإنسان في كبريات المتاحف الطبيعية!

لقد بدأ نجم هذه النظرية يخبو تدريجيا، خصوصا مع التقدم الهائل الذي عرفه فرع الجينوم البشري، أو خبايا الحامض النووي في الإنسان و عند الأحياء عموما. فمستوى علم الأحياء، و كذلك المختبرات العلمية التي كانت سائدة في القرن التاسع عشر على عهد داروين تُعد متخلفة و بدائية جدا بالمقارنة مع التقدم الذي حصل في أواخر القرن العشرين، و مستهل القرن الحالي. فقد كان داروين يشتغل بأدوات متواضعة في مختبر متواضع ، و لذلك جاءت معظم نتائج نظريته على شكل استنتاجات تأملية، و مستولدات ذهنية. و ربما الامتياز الوحيد الذي كان لداروين هو أنه كان من أوائل من جاء بفكرة أصل الأنواع، و المفاجأة الدرامية التي تزعم أن الإنسان أصله قرد.

إإكتشاف جديد أو آخر الضربات.

تطالعنا المجلة العلمية المتخصصة: The Science Journal لعددها ليوم 18 أكتوبر الماضي بنشر تفاصيل اكتشاف جديد يلقي بظلال من الشك على نظرية داروين و على التَّراتُبية الأحفورية لبقايا الهياكل العظمية المزعوم اتصالها بالإنسان و التي شيد صرحها  أنصار نظرية التطور الداروينية .
كما خرجت النسخة العلمية لسي إن إن
CNN  بعد يوم واحد من نشر دراسة الاكتشاف في المجلة العلمية المرموقة بنشر تفاصيل ذلك الاكتشاف المثير  تحت عنوان:
Rare skull sparks human evolution controversy  
( هيكل نادر يثير جدلا عن تطور الإنسان ) 
اكتشاف مثير وقع عليه العلماء في قرية دمانيسي Dmanisi في جمهورية جورجيا حيث تم العثور على 4 هياكل عظمية بجماجمها يفيد المسح عن طريق الكربون المشع بأنها تعود إلى 1,8 مليون سنة مضت، و المثير أنها جميعا تنتمي إلى ما يسمى ب:  Homo-Erectus  أو الإنسان المنتصب القامة، بالرغم من بعض الاختلافات بين جمجمة و أخرى. مما جعل أحد أبرز علماء الآثار الدكتور: لوردكيباندز Lordkipanidze   الذي كان من المشرفين عن التنقيب و المسح لذلك الموقع الأثري يعترف أنه لو كانت هذه الجماجم قد اكتشفت، أو بعض أجزائها، في بلدان  أو حتى أماكن مختلفة لساد الاعتقاد بين العلماء أنها تنتمي إلى فصائل مختلفة تطور بعضها عن بعض !! و عند دراسة هذه الاختلافات بحيادية تبين أنها اختلافات عادية يوجد مثيل لها بين الناس الذين يعيشون على الأرض اليوم، بالرغم من بعد المسافة الزمنية  بينهما و التي تبلغ مليون و ثمانمئة ألف سنة.
و قالت ال سي إن إن بالحرف:

researches looking at different shapes of these skulls , say because they show such a variation in appearance they suggest that what was thought to be several species of early man are in fact just variation of one / the variation between those different skulls are not wider than the variation that we find between humans today .

Mankind has so many shapes sizes ; colors and looks .
This new discovery could mean that maybe our ancestors were just the same


و ترجمة ذلك ببعض الشرح : إنه الاكتشاف الذي يهدد بِرَجِّ أوراق شجرة التطور التي نشأنا على التشبث بها، و في ظل النماذج المقبولة على نطاق واسع للطريقة  التي تطورنا بها، بما فيها عدة فروع للإنسان القديم مثل:
Homo-Rudolfensis, Homo-Habilis,Homo-Erectus
فإن الباحثين و هم يتفحصون عدة أشكال من تلك الجماجم المكتشفة في مكان واحد يقولون بما أنها تظهر كل هذا التنوع في أشكالها و صفاتها برغم انتمائها إلى عصر واحد- فهم يقترحون تغيير النظرة التقليدية السائدة لأن ما كان يُعتقد سابقا أنه عدة أنواع من المخلوقات المختلفة للإنسان القديم – و الذي تطور بعضها عن بعض -  ليس في الحقيقة سوى اختلافات في نفس النوع البشري. فالاختلافات بين هذه الجماجم المختلفة ليست أوسع من الاختلافات الموجودة بين بني البشر حاليا.
فالنوع البشري له أشكال و أحجام و ألوان و مظاهر عديدة.
 هذه النبرة الجديدة التي أخذنا نسمعها من بعض العلماء سببها إنتكاسات متواصلة تعرضت لها نظرية داروين في السنوات الأخيرة، فلقد كان أنصار الداروينية قد انتهوا، أو كادوا من تشييد صورة متكاملة لهذه النظرية، و تحديد المسار الزمني لمختلف مراحل تطور الإنسان، و رسخوا في مخيلة كثير ممن وثق بهم تلك الصورة النمطية والهزلية للإنسان و أجداده في خط تصاعدي يبتدئ بقرد ذميم مُحْدَوْدَب و مكور الجسم يمشي على أربع ! و ينتهي بإنسان مستقيم القامة يمشي على رجلين، خصوصا بعد العثور على ما  ظنوه أقدم مخلوق من فصيلة الإنسان، و هي لوسي Lucy  التي زعموا أنها تنتمي لبني الإنسان! و التي اكتشفت في إثيوبيا في 74 و تعود إلى ما يقرب من 3 ملايين سنة . و قد جعل الداروينيون من ذلك الاكتشاف حجر الزاوية في تلميع تمثال نظرية داروين، على الرغم من التهافت التأويلي، و الاعتساف التبريري الذي صاحب ذلك الاكتشاف. إلا أن الاكتشافات الأخرى أبت إلا أن تقُض مضاجع أنصار الداروينية، حيث اكتشفوا ما أفسد فرحة الداروينيين بتجمعهم حول نصب لوسي العتيقة. و التي كانت أشبه بقرد عادي منها للإنسان. لكن إصرار الداروينيين على الانتصار لنظريتهم بحق أو باطل لا يفوقه أي تعصب، فقد أصروا على تمييز لوسي عن القرَدة بكل تعسف. و حاولوا جاهدين أن ينشئوا علاقة تطورية بينها و بين سلالة الإنسان. لكن بعد سنوات قليلة و بالضبط سنة 1994 تم اكتشاف مستحثة أخرى خلطت كل الأوراق عند الداروينيين، و رجت نظريتهم رجَّا، فقد اكتشف العلماء هيكلا عظميا آخر و في أثيوبيا أيضا أسموه أرضي Ardi يعود تاريخه إلى أكثر من 4 ملايين سنة !! و الذي أطاح بآمالهم في استقامة نظريتهم أن  Ardiأرضي كانت تسير مستقيمة على قدمين، و لا تختلف في جمجمتها عن جمجمة كثير من الفتيات الإفريقيات اليوم ! و عندما اعتمدوا على برنامج حاسوبي يكسي العظام لحما، جاءت صورتها لا تختلف عن صورة أية فتاة إفريقية اليوم،  إلا التغيير الغير مبرر والذي أضافوه بالفوطوشوب لقدميها و تكثيف شعر جسمها قليلا بما ليس لهم فيه دليل، أو أثارة من علم حقيقي  غير التخمين، و تغليب حدسهم الذي يرزح تحت أكوام من التصورات الداروينية، حيث جعلوهما- أي الأقدام- ينقبضان  أكثر ليوهموا أنها كانت تقضي أوقاتا مهمة فوق الأشجار!! إستنتاج واضح التكلف و التعسف ! و هذا الاكتشاف المنغص – إكتشاف Ardi  أرضي-  دفع بمكتشفيه إلى أن ينتظروا 17 سنة ليعلنوا عنه ! و تبرر مجلة Science Journal  ذلك بالقول أن تقييم العلماء لأهمية Ardi  إستغرق كل هذا الوقت قبل الإعلان عنه في نفس المجلة يوم: 1 أكتوبر 2009 !!

الداروينيون يترنحون


هذه الضربات المتتالية أصابت أنصار داروين بالترنح و التململ في المواقف، و ظهر بينهم اليوم من يقول بأن هناك فصائل كثيرة للإنسان لا ترجع كلها إلى القردة، و ليس من الضروري أن يكون بعضها قد تطور عن بعض ! بل جعلت بعضهم يقول بأن التطور ينعكس في السلالة البشرية، فقد تطور الإنسان عن القردة في مرحلة معينة ثم عاد الإنسان المستقيم القامة ليرتد إلى عالم القردة، و يحدودب ظهره، و يرتد إلى المشي على أربع مرة أخرى !!! و على هذا فهذه النظرية لا تزعم أن أجداد الإنسان كانوا قردة فحسب و لكن أحفاده أيضا سينتهون إلى العيش في الغابات و تسلق الأشجار.نظرية تضع كل شيء خارج الحضارة فعلا.
السي إن إن CNN  لم تجد مندوحة في نسختها العلمية للأسبوع الماضي من القول أن الاكتشافات الأخيرة عن سلالة الإنسان قد خلطت الأوراق لكل ما تعلمناه عن الإنسان خلال القرنين الماضيين الذين سادت فيهما نظرية داروين.
و صدق الله العظيم القائل: 
"سنريهم آياتنا في الآفاق و في أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق، أولم يكف بربك انه على كل شيء شهيد"؟
  

1 التعليقات:

  1. مقال جيد وممتع في نفس الوقت : فالنظريات العلمية ما هي إلا نظريات قيد التمحيص قابلة للتفنيد لتحل محلها، لربما، نظريات أوسع أفقا

    ومن طبيعة العلم الحديث ألا نثق كلية بما قاله السلف ولو كانت لحيته طويلة كلحية داروين. إلا أن كاتب هذا المقال في عراك لا محل له من الإعراب إذ يستعمل كلمة الضرب مرات عديدة ليصف الأبحاث التي ما زالت تتوخى تفنيد النظريات المتداولة أكانت علمية أم دينية أم ميثولوجية

    أما الحقيقة التي لا ينبه لها والتي لا مفر منها هي أن كل حي من الأحياء لا يمكنه البقاء على قيد الحياة إلا في حالة ملاءمته لبيئته : إن كنت وكالا للعشب شرها فإنك ستنقرض عندما يتغير محيطك ويصبح صحراء قاحلة ولن يجد الخلف من آثار لك إلا ما تبقى من عظامك
    فنظرية التطور معناها : ستنقرض إذا لم تكن ملائما لتغير بيأتك لا أقل ولا أكثر

    ردحذف