كل الذين قرؤوا أو عرفوا آية الله حسين فضل الله عرفوا أن هذا المرجع الشيعي كان ينحوا نحو تجديد الفكر الإمامي و الخروج به من بوتقة الخرافات و الترهات و الأحقاد المتراكمة عبر الأحقاب ضد أصحاب الرسول و ضد من يحترمهم و يعظمهم من التيار الجارف للإسلام من أهل السنة ، لكن خطواته كانت وئيدة في خضم الهرج و المرج الذين يميزان دنيا الشيعة، و صوته كان خافتا في جوقة العويل و الزعيق العاطفي الذي يسود سوق علماء الشيعة الصاخب جدا. و لذلك فما إن أعرب فضل الله عن تبرمه من بعض الخرافات و الأضاليل التي يروج لها أئمة الشيعة دون أي سند من علم أو عقل، مثل تلك الخرافة المضحكة التي تزعم أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قد أسقط جنين فاطمة!! و هي من عجائب الترهات التي يومن بها الشيعة مع أنها لم ترد في أي كتاب من كتب التاريخ المعروفة ، مع العلم أنه حتى لو وردت تلك الخزعبلة في كتب التاريخ لما كانت مبررا لذي عقل أن يعتقد صحتها، فكتب التاريخ أغلبها مدونات لروايات الأخبار التي تحتاج بدورها إلى تحقيق ليتبين صحتها من عدمها .; و قد بين المؤرخون ذلك لقراء كتبهم، فقد قال إبن جرير الطبري مثلا في مقدمة موسوعته التاريخية تاريخ الأمم و الملوك، ما نصه: ……و قد أديت هذا الأمر على النحو الذي أدي إلي.
أقول ما إن أعرب عن تبرمه من تلك الخرافات حتى انبرى له مراجع الشيعة من أصحابه في المذهب بالحرب الضروس ! و أخذت الفتاوي بتضليله تتطاير كالشرر من النجف وقم ، و حذر كل مراجع الشيعة أتباعهم و مقلديهم منه و من الاقتراب منه! بل و حرموا قراءة كتبه التي أصبحت بين عشية و ضحاها مليئة بالأضاليل و الزيغ و الانحراف ، و أخذت كثير من المواقع الشيعية تصف حسين فضل الله بالضال المضل! و الخائن للمذهب،بل و الخارج على الملة ، و منهج آل البيت!! و ألفت كتب و كتبت مقالات في التحذير منه!و حتى لا يظن بي أية مبالغة أورد لكم معشر القراء بعض أسماء مراجع الشيعة الذين كتبوا و أفتوا في التحذير من قراءة أو تقليد العلامة فضل الله :
باقر الحكيم/محمد الشهرودي /جعفر مرتضى العاملي/الخامنئي/السيد الحائري/علي الكوراني/ أحمد المددي /علي مكي العاملي/محمد المددي النجفي/ شريف القرشي/محمد مهدي شمس الدين/صادق الصدر/الخنساري النجفي/ تقي القمي/ صادق الروحاني/ كاظم الحائري/كاظم المرجعي/محمد الحسيني الشيرازي/محمد باقر الشيرازي/محمد سعيد الحكيم/ محمد على المديني/ مهدي المرعشي/يوسف المديني التبريزي/الميرزا جواد التبريزي/ بشير النجفي/ حسين النوري الهمداني /حسين الوحيد الخرساني
الفاضل النكراني/ محمد تقي بهجت/مكارم الشيرازي……….و القائمة طويلة جدا.
و كل هذه الأسماء معروفة في عالم الرفض و التشيع و هي جميعا مسبوقة بألقاب إما أية الله أوحجة الإسلام أو حجة الإسلام و المسلمين حذفتها اختصارا.
و من أغرب ما قرأت تلك الرسالة الموثقة التي كتبها محمد مهدي شمس الدين إلى الميرزا جواد التبريزي يؤيده فيها في الفتوى التي أصدرها بضلال مواطنه العلامة حسين فضل الله ، و الرسالة كلها تأليب عليه وذكر مثالبه و خطره على الطائفة الشيعية ، و قد كنت قبل قراءتي لرسالته أظنه يختلف عن علماء الروافض الآخرين و أقل تعصبا وانغلاقا منهم بحكم منشئه في لبنان و مخالطته لأهل السنة و غيرهم! و لكن يبدو أنه ليس في القنافذ أملس!!
من درس بعمق الطائفة الشيعية المسماة بالإمامية أو الإثناعشرية يدرك بما لا يدع مجالا للشك أن هذه الطائفة هي أشد الطوائف في الأرض انغلاقا و تعصبا! و أكثرها بعدا عن الانفتاح أو قبول الرأي الآخر. كما أن فكر هذه الطائفة محاط بسور سميك جدا من الخرافات و الأساطير المعيبة بحيث يستعصي على أي شعاع من التجديد أن ينفذ من خلاله، و لذلك فقد عكف أتباع هذه النحلة - ومنذ غابر الأزمان- على ما هو مسطر في أسفار ها من عقائد ضالة، و خرافات فجة ،و عنصرية مقيتة ضد الآخر – وكل من لم يدن بدينهم فهو من الآخر- خصوصا أهل السنة. و لم يظهر في دنيا هؤلاء أي مجدد على الإطلاق ، بل حتى ركامات ما يعتبرونه أحاديث و التي حشرها كل من الكليني في كافيه و الطوسي في التهذيب و الاستبصار و بن بابويه القمي في : من لا يحضره الفقيه،و المجلسي في : البحار لم تجد لها في دنيا الشيعة من يعتني بها فيميز بين صحيحها و ضعيفها و شاذها و موضوعها، مع العلم أن كل من له دراية بعلوم الحديث يوقن تماما أن أكثر من 95 في المئة من أحاديث الإمامية المزبورة في هذه الكتب هي موضوعات ،و أكاذيب لا علاقة لها بالأئمة و لا برسول الله
ص ! بل هي مجرد تلفيقات الغلاة من الشيعة و من أعداء الإسلام . و من قرأ أي كتاب من كتب الحديث عند الإمامية يدهش لكثرة التناقضات في تلك الروايات ، ويبدوا أن القوم تعودوا على تلك التناقضات و تبلد إحساسهم تجاهها فلم تعد تثير فيهم الإحراج. يقول الطوسي :
لا يكاد يتفق خبر إلا وبإزائه ما يضاده ، ولا يسلم حديث إلا وفي مقابلته ما ينافيه [تهذيب الأحكام : 1/ 2-3 . ص ! بل هي مجرد تلفيقات الغلاة من الشيعة و من أعداء الإسلام . و من قرأ أي كتاب من كتب الحديث عند الإمامية يدهش لكثرة التناقضات في تلك الروايات ، ويبدوا أن القوم تعودوا على تلك التناقضات و تبلد إحساسهم تجاهها فلم تعد تثير فيهم الإحراج. يقول الطوسي :
ويكفي دليلا على صدق ما أقول أن أحد علماء الشيعة المقدسين عندهم و هو النوري الطبرسي أورد في قمامته المسماة : فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب-تعالى كلام الله عن إفك الملحدين- أقول: أورد أكثر من 2000 رواية شيعية تزعم أن القرآن محرف ، و إحدى هذه الروايات تقول القرآن الحقيقي ليس فيه من القرآن الذي عند الأمة حرف واحد!!!و كل هذه الروايات استقاها النوري الطبرسي من هذه الكتب السابقة الذكر.
حسين فضل الله كان يعرف كل هذا، و كان يريد أن يوقظ بعض النيام من الشيعة من غفلتهم و يفتح عيونهم على الحقائق المرة ،و يأخذ بأيديهم فيخرجهم من ذلك التيه التعيس من الوثنية و القبورية و البغضاء لأصحاب محمد ص .و بدأ بخطوات وئيدة ،و بصوت خافت، إلا أن ذلك كان كافيا لإحداث رعشة في مفاصل مروجي هذا الفكر الأسطوري و العدائي و المضاد تماما للعقل و موجبات الرشد .
و من قرأ تاريخ الإمامية و تطورها عبر الزمن لا يستغرب من هذه الهجمة الشرسة التي شنها علماء الشيعة على حسين فضل الله، و محاصرته و منع الاتصال به فعاش أيامه الأخيرة كالمجروب لا يقربه أحد من الشيعة، ذلك لأن الفكر الإثنى عشري لا يقوم على أساس من العقل بل يقوم على تأجيج العواطف و إثارة النعرات ، و إذكاء الأجواء بمزيد من العواطف و الغضب، و طبعا عندما تتقدم العواطف الجياشة و تسود بالتالي الجاهلية الجهلاء في مآتم الشيعة و حوزاتها، و حسينياتها و مباكيها، حيث لا صوت هناك غير أصوات السياط تجلد ظهورهم، ولا صوت يعلو في مآتمهم فوق صوت السلاسل تمزق ظهورهم و أدبارهم.و لا لون هناك يتفوق على لون دمائهم المسفوكة بفعل الجراح التي يحدثونها على هاماتهم و هامات أطفالهم و رضاعهم في منظر شيطاني جاهلي مقزز لكل نفس سلمت من الضلال و الغي، في مثل هذه الأجواء ينحسر العقل و المنطق و التمييز. فلا لغة تسمع هناك غير لغة الحمق و التسيب و الانفلات الشعوري ! و لغة التخوين و افتراض المؤامرات الوهمية !و في هذا الجو المحموم و في هذا الجوق الصاخب ينشر أئمة الإثناعشرية غسيلهم المتسخ من الأحقاد و اللعن لخيرة هذه الأمة بعد نبيها، و لذلك فهم يخافون على هذا التراث المأزوم من أية بادرة للوعي و العقل.
قبل سنوات قرأت كتابا اسمه : الحوزة تقاوم الانحراف . و قد شارك في كتابته ثلة من مراجع الشيعة في قم، و الكتاب كله يتحدث عن انحراف حسين فضل الله عن الإسلام الحق و عن نهج الله المستقيم، و عن سيرة الصادقين من أئمة آل البيت ! لأنه أراد أن يسبب الفتنة بين أبناء الطائفة الناجية!!!! و ذلك بالتشكيك في عقائدها! على رأسها عقيدة إسقاط جنين فاطمة! قلت يومها و ما زلت أقول : يا لسخافة عقول الروافض ! هل أصبحت تلك الفرية السخيفة التي يتطلب تصديقها أن يصبح الإنسان حمارا ، و كل من ألغى عقله فهو من الحمار أضل ! هل أمست تلك الفرية من أساسيات مذهب الرافضة ! اللهم لا شماتة.
و يذكر الكتاب كيف أن علماء إيران حاصروا حسين فضل الله و أرادوا إفحامه، و تركزت النقاشات حول تشكيكه في تلك الكذبة السخيفة ، و رأوا فيها ما يهدد بنسف قدسية المذهب في نفوس أتباع التشيع!!! و صرخوا في وجهه لماذا تتعمد إثارة الشك في هذه المسألة و أي نفع سيحصل من إثارتها، في مقابل أبواب الشرور التي ستفتح على المذهب بإثارتها! فقال لهم : يجب أن نسقط قضايانا قبل أن يسقطها غيرنا ! و يبدوا أن حسين فضل الله غاظه محاولة تحقيره و إهانته من طرف ملالي النظام الإيراني فصاح فيهم : إنني إنسان مشهور على مستوى العالم الإسلامي فكيف أعامل بهذه الطريقة المهينة؟! فقال له أحدهم : لا تغتر بشهرتك !و لا بمكانتك العلمية! فهناك من هو أكثر منك شهرة و أعلى مقاما هو آية الله المنتظري –الذي كان عين خليفة للخميني قبل أن يغضب عليه النظام - و مع ذلك فانظر إلى مصيره الآن-كان محشورا في بيته في إقامته الجبرية لا تقربه الصحافة و لا يقربه أحد. إلى أن مات في منزله، و لم تعلن وفاته وسائل الإعلام الإيرانية إلا بعد مرور يوم كامل!
ثم قال له أحد المراجع: إن العامة من الشيعة اليوم أصبحوا يلعنونك! فقال حسين فضل الله : إن الشيعة قتلوا الحسين!! فقالوا له جميعا في استغراب : إن هذا الأمر يقوله الوهابيون!! فقال : بل هذه هي الحقيقة التي يعترف بها حتى الأئمة المعصومون!
و رغم محاولة فضل الله أن يهدئ من الأمور إلا أن نية ملالي إيران كانت قد عقدت العزم على إذلاله، فعاد إلى بيروت ليجد نفسه محاصرا حتى من أقرب المقربين إليه، فتنكر له حزب الله ، و أغلق في وجهه قناته الحزبية المنار،و كيف لا و قيادة الحزب تنصاع دون تردد لأوامر و تعليمات القائد المرشد في طهران؟!و هو من بين المراجع الذين أفتوا بتحريم قراءة كتبه! كما أسلفت. و لم يعد الشيعة يلتفتون إليه، خصوصا بعد رفضهم لمحاولته تأسيس مرجعية شيعية في لبنان تستقل عن مرجعية قم أو النجف. وارتضى شيعة لبنان و بقيادة حزب الله التبعية المباشرة للولي الفقيه خامنئي و نظامه في إيران .و هكذا قضى حسين فضل الله أيامه الأخيرة في الضاحية مهموما مدحورا، قد تنكب له حلفاء الأمس و مريدوا الثمانينيات ، لكنه إذ فارق الحياة خرج بعضهم يتشحون بالسواد كأنهم حزانى على فراقه!و اصطنعوا لموته مأتما!! تماما كما فعل شيعة الكوفة بعد أن فرغوا من الحسين في كربلاء ، بعد أن شاركوا بسيوفهم في إراقة دماء الذرية الطاهرة في جيش اللعين بن زياد- الذي كان علي رضي الله عنه قد ولى أباه على خراسان- يوم أن دخل عليهم علي بن الحسين فأجهشوا بالبكاء و ذرفوا دموع التماسيح ليغالطوه في جريمتهم النكراء ، فما خدعوه بل قال كلمته المشهورة: هؤلاء يبكون علينا فمن قتلنا غيرهم؟!!!.
و نحن نقول لشيعة لبنان: لقد أضعتم فرصة ذهبية للخروج من مستنقع التعصب المذهبي الأعمى، و التحرر من أسر الأساطير الموغلة في السخف ،و التي ما تزال الطائفة تجر أذيالها المتسخة منذ غابر الأحقاب ، لقد أضعتم هذه الفرصة التاريخية بتنكركم لمرجعكم وبانصياعكم وراء دعوات التعصب المقيت، والانغلاق الفكري الأعمى الذي لا يلبث يروجه ملالي العجم في إيران ومريدوهم في العراق و البحرين و غيرهما.و الطامة أن المجددين في دنيا الشيعة أندر من الزئبق الأحمر.
0 التعليقات:
إرسال تعليق